منذ وقت مبكر من صباح أمس توجهنا صوب منزل الراحل د. حسن الترابي الأمين العام للمؤتمر الشعبي لحضور مراسم تشييعه، الطرق المؤدية لمقابر بري شهدت زحمة مرورية خانقة، وتم إغلاق كبري المنشية جزئياً واضطر جميع الذين يرغبون في اللحاق بمراسم التشييع، قطع الكبري سيراً على الأقدام.. موقع التشييع ضاق بالحشود الضخمة التي تقدمها نائب الرئيس حسبو محمد عبد الرحمن، ومساعد الرئيس عبد الرحمن الصادق المهدي، وقيادات العمل السياسي بالبلاد. كان الحضور مهيباً وربما هو الأضخم في وداع شخصية سودانية.. لم تنتظم صفوف المصلين بسبب التدافع حتى أن موعد الصلاة تأخر كثيراً قبل أن يتقدم الشيخ ابراهيم السنوسي ليصلي على شيخه. تشييع غير منظور: رحل عنا الشيخ حسن عبد الله الترابي وهو زعيم إسلامي ومفكر إسلامي بارع، وهو كان من أكثر الناس إيماناً بالحوار والاتفاق، وكان فاعلاً جداً في هذا الاتجاه، وجاهداً فيه هكذا بدأ مساعد الرئيس عبد الرحمن الصادق المهدي حديثه.. وأضاف هذا التشييع غير المنظور يؤكد ويدل على شعبيته وحب الناس للترابي، وتضرع الى الله أن يجعل فقده إلفة وبركة على البلاد ومحبة ووفاقاً بين الجميع وتهدئة للنفوس رحيل الترابي حياة للآخرين: ويصفه العميد معاش يوسف عبد الفتاح بأنه صاحب فكر ثاقب ورجل مجاهد، بجانب أنه مفكر إسلامي ويمضي عبد الفتاح قائلاً: الأمة الإسلامية فقدت أحد العلماء الأفذاذ، وقد كان في آخر أيامه يتكلم عن وحدة السودان، ويتحسر على ما يجري في اليمن وليبيا وسوريا، وفي اجتماعاتنا الأخيرة معه ليس له حديث غير جمع هذه الأمة على كلمة لا إله إلا الله، وحتى الأحزاب اليسارية كان ينادي بان تتجمع في كيان واحد ويرى يوسف في حديثه ل (آخر لحظة) فكرة النظام الخالف أو المنظومة الخالفة التي طرحها الترابي تهدف لجمع الكيانات خاصة الإسلامية، واعتبر يوسف رحيل أمثال الترابي بأنه حياة للآخرين الأحزاب الكبيرة. تمثيل دبلوماسي: ويقول السفير القطري إن رحيل الترابي يعتبر فقداً للأمة الإسلامية ككل، لما له من إسهامات كبيرة لا تحصى ولا تعد في الفكر الإسلامي، ونتقدم باسم دولة قطر أميراً وحكومة وشعباً بأحر التعازي لأسرة الفقيد ولكل الشعب السوداني. الوالي ينعي الشيخ: رجل الأعمال جمال الوالي قال: إن رحيل الترابي يعد رحيل أمة.. وأضاف أنه قدم لوطنه وشعبه الكثير، واستطاع في فترة وجيزة أن يحدث تحولات كبيرة في تاريخ البلاد، وأسهم بعلمه وقدم عصارة جهده وفكره وألف كتباً تكون زاداً له بعد مفارقته للحياة، وهو رقم كبير وبرحيله فقد الإسلام كثيراً وخسر العالم مفكراً إسلامياً.. ونتمنى أن يجعل البركة في ذريته وماقام به من عمل في الفترة الأخيرة من أجل وحدة البلاد، تعد المخرج لهذا الوطن موحد الفرقاء: الموت هو سبيل الأولين والآخرين هكذا بدأ د. غازي صلاح الدين حديثه وقال: لكن الفراغ الذي تركه شيخ الترابي يعتبر مساحة كبيرة، ولا شك أنها ستؤثر في المستقبل القريب في العمل السياسي.. وأضاف غازي الترابي كان مهتماً في أيامه الأخيرة بقضية توحيد القوى السياسية، ونتمنى أن تثمر تلك الجهود في تصحيح الأوضاع والتوافق على مشروع وطني، وأن تكون أفكاره موضع اعتبار للأطراف السياسة الأخرى لا سيما أن هنالك اتفاقاً حول ما أراده الترابي، ولكن اختلف الناس حول الوسيلة التي يتوصلون بها الى الأهداف التي ذكرها. فراغ كبير: الشيخ الحبر يوسف نور الدائم يقول: الترابي ينطبق عليه قول الشاعر عبد القادر كرف (خفو بنعشك مسرعين كأنما ... فصموا عرى التاريخ ثم تفرقوا).. ومضى قائلاً: الخطب اليوم كبير وجلل، والترابي هو من المؤثرين جداً في المجتمع بشخصه وفكره وأخلاقه وعلمه، وقد ترك فراغاً كبيراً وفي آخر أيامه كان يدعو الى الحوار والوفاق الوطني، واجتماع الكلمة.. من حيث يستطيع الناس جميعاً أن ينهضوا بهذه البلاد وهو من الذين ظلوا متمسكين بالدعوة، ولم يخرج قط من هذه البلاد، وظل فيها من سجن لمعتقل يحاول جاهداً أن يبلغ كلمة الله عز وجل بذكاء وبفطنة وتجربة واسعة جداً، وله في الشأن الاجتماعي الكثير وخاصة جانب المرأة، وجاهد في سبيل ذلك، لأن المجتمع مبني في الأساس عليها، والترابي لديه تأثير كبير وضخم جداً على الشباب، والكثيرون يحاولون تقليده ومحاكاته ولكنه استطاع بذكاء أن يكون شخصية محورية في المجتمع.