رحم الله صديقي المهندس/ أحمد محمد علي الشهير (بحمدتو) والذي كان يعمل مهندساً بفابريقة الزيوت الأفريقية بالخرطوم بحري.. فقد كان عليه الرحمة صديقاً صدوقاً صادق الوعد منصفا- حلو الأنس والمعشر-بشوشاً طلق الوجه على الدوام، حتى ولو اعترضته صعوبة، يحب الخير دوماً للجميع.. لكنه لا يخشى في الحق لومة لائم، ولذلك كان أبناء( شلته) يعتبرونه كأنه الأب الروحي أو المرشد بالنسبة لهم، إذ أنه كان على الدوام يمدهم بالنصح بل يعمل على حل مشاكلهم، فكثيراً ما كان يقود الوساطات أو لجان الجودية- سألت المرحوم ذات مرة عن الكيفية التي أوصلته لتكوين شخصيته تلك، وجعلته يحصل على كل تلك اللطافة مع حب الآخرين فسكت وبعد برهة قال: أظنه قد يرجع الفضل في كل ذلك إلى أحد زملائي في مهنة الهندسة، وهو ملقب ب( أبوسن)، إذ أبتعثنا أنا وهو إلى بريطانيا لنيل دراسة خاصة بعملنا لعدة شهور، وبعد نهاية دراستنا ونحن عائدون إلى أرض الوطن على متن الطائرة غانمين.. قال لي أنا عاوزك يا حمدتو (تنتقدني)...! وذلك بعد أن عاشرتني مدة ونحن في بلاد الغربة، حيث درسنا وسكنا سوياً، وكنا لا نفترق كما تعلم، فربما تكون هناك أشياء وعادات سيئة كنت أقوم بها وكانت (فايتة عليّ) وأنا متأكد أن (نقدك)، هذا سيفيدني كثيراً بقدر ما ستكون أنت أمين فيه، ولا تجاملني. فقلت له (والكلام هنا للمرحوم حمدتو)، والله يا أبوسن والحق لله يقال كنت عظيماً وسلوكك طيب وممتاز طيلة فترة وجودنا بالغربة- لكن في عادة واحدة ما كانت عاجباني فيك، وهي إنك كنت بتسف الصعوط في لندن قدام الخواجات وكمان بتخليهو يبتل بلعابك ثم تحول السفة لنص لسانك وتتكلم معاهم بطريقة لوي خشمك، والتي إذا حاولنا أن نمثلها فكأنك (بالعربي) تنطق السين ثاء—ده شنوة ما فضحتنا ياخي..عندها انفجر زميلي أبو سن بالضحك.!.ومن يومها ترك (سف الصعوط) بل صار داعياً يحرض الناس على أن يطلبوا من الآخرين أن ينقدوهم (في كل شيء)، ليفيدهم ذلك النقد أن عملوا به، ويقول المرحوم حمدتوا أيضاً: بعدها انعكست الآية فانتقلت لي(عادة أبو سن) وأصبحت أدعوا الناس على نقد تصرفاتي لأحصل منها على الصحيح.. وهو ما أوصلني لهذه الدرجة، وهي (إحترام الناس لي) لإني احترمهم إضافة لتقبلي للنقد.. ختاماً عزيزنا القارئ الكريم ما رأيك في هذه الفكرة: وهي أن نقبل النقد لنعرف انفسنا على حقيقتها( في عيون الآخرين).. مع سلام للجميع بالبداية والختام.