الابتسامة هي عبير عن الرضاء وهي كما يقولون أقرب الطرق إلي القلوب ولذلك أصبحت الابتسامة قيمة جمالية تعكس مدي التصالح داخل النفوس كما هي قيمة دينية وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم «وتبسمك في وجه أخيك صدقة» التقطيب هو عكس الابتسامة وهو انعكاس لحالة من عدم الرضاء والقبول لذلك عاب الشاعر إيليا أبو ماضي علي المقطب أجره وذلك في قصيدته :أنك لن تعطي علي التقطيب أجره إنما الغبطة فكرة قد سكنت الكوخ وما في الكوخ كسرة وخلت منها القصور العاليات المشمخرة لا شك أن الابتسامة كما قلنا تعبر عن الرضا والذي هو انعكاس لواقع ما علي الأرض أسوقذلك فالداخل إلي مدينة مدني يجد مكتوبا علي بوابتها عبارة ابتسم فأنت في مدني ومدني تلك المدينة الجميلة الحالمة والتي تنام علي ضفاف النيل الأزرق والتي كانت عاصمة السودان في العهد التركي قبل ان تنتقل العاصمة إلي الخرطوم. ومدني هي الجمال والثقافة والرياضة والفن وهي الحياة المائجة بكل أنواع النشاط وهي ولوقت طويل ظلت تستحق من الداخل إليها أن يبتسم قبل أن تفقد بريقها وحيويتها بسبب الإهمال الذي طالها والتدهور المريع الذي لحق بها خاصة بعد انهيار اكبر مشروع في أفريقيا وهو مشروع الجزيرة المشروع العملاق والذي احتضن أهل السودان جميعا موفرا لهم المال والسكن والعيش الكريم ، وظلت العبارة مكتوبة ولكنها فقدت معناها وأصبحت لا تعبر عن حالة حقيقية فما الذي يدعو إلي الابتسامة والمدينة تذبل في كل يوم ويعتريها ما اعتري كثيرا من مدن السودان من غبرة واتساخ ومن طرق بليت فأكل عليها الدهر وشرب ومن أشجار فارقتها الحياة فكانت المدينة الصابرة تنتظر من يعيد لها جمالها ورونقها. وجاء ايلا يسبقه ما قام به من أداء لا تخطئه العين في ولاية البحر الأحمر وثغرها الباسم بورتسودان والتي أعاد إليها الحياة بعد ان فارقتها لزمان طويل. ايلا ظاهرة تستحق الدراسة فقد اثبت أن الإبداع لا يخلقه المال ولا الموارد التي يعلق عليها الكثيرون فشلهم إخفاقهم واثبت ان الهمة والعزيمة هما ما يصنع الإبداع فقد استطاع ايلا أن يجعل من مدني مدينة نظيفة متسقة يحكي عنها كل من يزورها مع إن الأمر ما زال في بداياته. ايلا ليس كغيره من الولاة الذي يقضون السنوات الطوال دون أن يحققوا شيئا يذكر بحجة قلة الموارد. أني لاقترح ان يعطي كل من يولي ولاية أو وزارة ورقة بيضاء يكتب عليها ما يريد تحقيقه وإذا ما غادر يعطي ورقة بيضاء ليكتب عليها ما حققه من انجاز حتى لا يبتلي به قومآخرون. ايلا اثبت في كل موقع ان التغيير ممكن إذا صدقت النية وكان الإصلاح هو المبتغي. لابد أن نقول بان ايلا قد أستصحب معه كل تجاربه فهو مثال لحاكم يصنع الموارد والإمكاناتفالكل الآن يعرف ايلا ويضرب به المثل في الانجاز والإبداع مع ان الكثيرين يجهلون كثيرا عن الولاة ويجهلون أسماءهم. إن من أهم أركان الحكم الراشد المحاسبة فإذا كان النظام قد ارتد عن انتخاب الولاة مباشرة من الشعب إلي تعيينهم فإن الحسنة الوحيدة في ذلك هو خضوعهم للمحاسبة ولذلك لابد أن يكون لكل والي رؤية فإذا غابت الرؤية غاب كل شئ حينما قدم ايلا إلي ولاية الجزيرة استقبله أهلها بالطبول والزغاريد فلم يخيب ايلا ظنهم. ما تعودنا مدح الحكام ولا نريد شيئا من أحد ولكن الأمانة تقتضي أن تقول من أحسن أحسنت ولمن أساء أسأت. مدني مدينة عزيزة علي نفسي حبيبه إليها فهي مرتع الصبا ومراحل الدراسة وذكريات السنين الطوال التي قضيتها بين ربوعها . لقد أحسست وأنا أزورها بالأمس بأنها تستحق فعلا الابتسامة واقترح ان تضاف عبارة ابتسم فهناك ايلا. وصابحني دائما مبتسم وزير الشؤون الاجتماعية الأسبق بولاية الخرطوم