الحديث الذي أدلى به النائب البرلماني ممثل دائرة كردفان ماجد ياك بشأن تعيين حكومة الجنوب حاكماً لمنطقة أبيي، أعاد الى الأذهان مسلسل التشاكس بين الخرطوم وجوبا، بسبب المنطقة التي ظلت عقبة كؤود في العلاقة بين البلدين منذ انفصال الجنوب في العام 2011م، فالعلاقة بين الدولتين الجارتين تصيبها حالة من التوتر كلما ذكرت أبيي في محفل من المحافل، حيث لا يزال كل طرف يتمسك بتبعية المنطقة له فلاش باك: أبيي التي حصلت على وضع خاص ضمن اتفاقية السلام الشامل الموقعة بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان في العام 2005م، ولتفادي حدوث أي احتكاكات بين مواطني المنطقة ممثلين في قبيلتي المسيرية ودينكا نقوك، أقر الاتفاق بين الخرطوم وجوبا بوجود قوات عازلة من (اليونسفا) والتي تم التجديد لها في ديسمبر من العام الماضي بعد تبني مجلس الأمن الدولي بالإجماع قراراً بتمديد ولاية قوة الأممالمتحدة الأمنية المؤقتة لأبيي (يونسفا) المكلفة بالإشراف على نزع السلاح في المنطقة المتنازع عليها، لمدة 6 أشهر تنتهي في 15 مايو2016م، ، وشمل القرار إدانة للوجود المتقطع لأفراد من جهاز الأمن التابع لدولة الجنوب، ونشر وحدات شرطة النفط في دفرة داخل منطقة أبيي، مما يعد انتهاكًا لاتفاق 20 يونيو 2011 م، والذي يمنع أية قوة مسلحة من الطرفين التواجد بالاقليم، إلا أنه وفي اكتوبر من العام 2013 م أقدمت قبيلة دينكا نقوك على اجراء استفتاء أحادي لتحديد تبعية المنطقة المتنازع عليها بين الدولتين، والتي وجدت مباركة من حكومة الجنوب، وإن لم تعلن صراحة حكومة الجنوب حينها وقوفها مع الخطوة، قابلت الخطوة أجواء مشحونة من قبيلة المسيرية لتنظيم استفتاء مماثل، وإعلان تبعيتها للسودان على حد تعبير الناظر مهدي بابو نمر أبرز زعماء قبيلة المسيرية. خطوة غير موفقة: نائب رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني د. عبد الملك البرير، يرى أن خطوة تعيين حاكم على أبيي من قبل دولة الجنوب جاءت بعيدة على ما تم الاتفاق عليه في اتفاقية نيفاشا.. مشيراً لعدم استنادها على أي من الأحكام المدرجة في الاتفاقية، ووصف في حديثه ل (آخر لحظة) القرار بغير المقبول وغير الموفق بالنسبة لحكومة السودان، ولا يخرج من كونه استباقاً لخطوة غير مدرجة على ما تم التوافق عليه، مؤكداً تحركهم لمراجعة القرار وفق الاتفاقية، واستبعد البرير أن يكون القرار قد تم بمشاورة القوى السياسية في الجنوب، لقصر عمر الحكومة التي تم تشكيلها، ولم يستبعد كذلك أن تكون مرجعيته فردية، كما اعتاد الناس على صدور قرارات كهذه، لكنه عاد وقال إن اتفاق الفرقاء في الجنوب يمكن أن يمهد لظهور دولة تتمظهر في احترام الاتفاقيات، وتراعي مصلحة المواطن الجنوبي أينما كانت، وسيصلح كثير من القرارات التي كانت تتخذ في السابق. تصعيد: الخطوة المفاجئة لحكومة السودان كطرف ثان في معادلة أبيي، وإن لم تنفذ عملياً على أرض الواقع ربما تصبح تمهيداً لقرارت قادمة، وهذا ما ذهب إليه أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الإسلامية د. راشد التجاني سليمان، والذي وصف الخطوة بأنها تأتي كتصعيد للقضية التي شهدت برهة من الهدوء، فالخطوة وإن كانت مفاجئة بالنسبة للسودانيين خاصة بعد الاتفاق الذي تم بين أبناء الجنوب مؤخراً، والذي عده البعض بالفاتحة الجديدة للعلاقات بين البلدين، خصوصاً بعد التصريحات الإيجابية من قبل د. رياك مشار النائب الأول لرئيس دولة الجنوب، بأن اتفاقهم مع حكومة الجنوب تضمَن طرد الحركات الحاملة للسلاح ضد الخرطوم، وعدم اتخاذ أراضي الجنوب كمنصة لمحاربة السودان، إلا أن راشد لم يستغرب أن يتم اتخاذ خطوة تعيين حاكم لأبيي بالإجماع من قبل القوى السياسية في الجنوب، باعتبارها منطقة جنوبية- حسب زعمهم- ولا يمكن أن تكون العلاقات الجيدة مع الخرطوم لتصل للتفريط في حقوق الجنوب، داعياً الحكومة للتعامل مع الأمر بجدية حتى لا يفتح الباب لقرارات أخرى، تنوي دولة الجنوب أن تدفع بها في المستقبل القريب. أنباء غير صحيحة: سفير دولة الجنوب بالخرطوم ميان دوت نفى صحة ماورد من أنباء تسربت من داخل دولته الى مسامع الخرطوم، بتعيين حكومة الجنوب لحاكم في منطقة أبيي.. مشيراً الى أن أبيي بها إداري مكلف من قبل حكومة الجنوب للإشراف على خدمة أبناء الجنوب، وموجود بالمنطقة منذ العام 2015م بدعم من حكومته، وهو د. شول دينق، واعتبر ميان الحديث عن هروب سكان أبيي الى المجلد بغير المنطقي، باعتبار أن المنطقة شهدت استقراراً وهدوءاً، وذهب الى أبعد من ذلك عندما قال إن المواطنين عند اشتعال الحرب وهروبهم من مناطق واراب استقروا في أبيي لوفرة الإنتاج العالي في العام السابق وكذلك الأمن.