بسم الله الرحمن الرحيم شغلت الخطوة التي نفذها بعض أبناء دينكا نقوك في أبيي و المتمثلة بإجراء استفتاء قبلي أحادي الرأي العام المحلي و الإقليمي و الدولي و انشغلت وسائل الإعلام كثيراً في تغطية الأفعال و ردود الأفعال ، حيث لم تخل وسيلة إعلامية مسموعة أو مرئية أو مقروءة من الخبر ، و قد حاولت الكثير من وسائل الإعلام معرفة ردود فعل المسيرية على هذه الخطوة باعتبارهم الطرف الآخر من مواطني منطقة أبيي ، و قد نًشرت تصريحات معتدلة و منفعلة حول الأمر ، و لكن فات على هذه الوسائل الإعلامية بدراية أو بدون دراية أنهم يسوقون قضية أبيي على أنها قضية مسيرية و دينكا نقوك و بالتالي أن أية خطوة تنفذ من طرف ستكون عليها ردة فعل من الطرف الآخر ، متناسين عمداً أو جهلاً أن موضوع قضية أبيي هو قضية دولة و ليس قضية قبائل ، فالإستفتاء الذي تم الإتفاق عليه في برتوكول فض النزاع بمنطقة أبيي ( 26 مايو 2004م) إستحقاق لدولتي السودان و ليس لقبيلتي المسيرية و دينكا نقوك ، فمن وقع هذا الإتفاق هم حكومتي السودان و جنوب السودان لا المسيرية و دينكا نقوك فهما قبيلتان يتبع أفرادهما لدولة لها حكومة هي من تقرر نيابة عنهم بنص الدستور ، و الأرض التي يتنازع عليها هي أرض لدولة و ليست لقبيلة ، فهل تجهل وسائل الإعلام هذه الحقيقة أم أنها تسعى لبذر الفتنة بين القبائل التي تتقاسم السكن بالمنطقة ؟ نقول ليس هناك أي حق قانوني بناءاً على برتوكول فض النزاع في منطقة أبيي (2004)م و ما لحق به من ملاحق و إتفاقيات للمسيرية أو نقوك أو السودانيين الآخرين في أبيي لتنفيذ بنوده سواء بالاستفتاء أو غيره ، كما أن ذات البرتوكول لم يرتب حق لأي من موقعيه بتنفيذ ما ورد فيه بدون الآخر . فما هو الوضع القانوني لخطوة نقوك الراهنة باجراء الاستفتاء ؟ و ما هي الأهداف من وراء ذلك ؟ يقول برتوكول فض النزاع في منطقة أبيي 26 مايو2004م فيما يتعلق بالوضع النهائي للمنطقة في الفقرة (1-3) ( بالتزامن مع الاستفتاء في جنوب السودان يدلي أهالي ابيي بأصواتهم بصورة منفصلة و يعطي المقترح الذي يتم التصويت عليه بصورة منفصلة أهالي ابيي الخيارين التاليين بصرف النظر عن نتيجة استفتاء الجنوب :- أ- أن تحتفظ ابيي بوضعها الإداري الخاص في الشمال ب- أن تكون ابيي جزء من بحر الغزال بناءاً على هذه الفقرة فمن يقرر مصير أبيي هم أهالي أبيي مجتمعين في أي من الخيارين المطروحين للإستفتاء ، فمن هم أهالي أبيي ؟ هذا ما جاء في الفقرة (6-1) و التي عرفت سكان أبيي بأنهم : أ- أعضاء مجتمع دينكا نقوك و السودانيون الآخرون المقيمون بالمنطقة ب- تضع لجنة الاستفتاء بابيي معايير الإقامة بالمنطقة . إذاً سكان أبيي جميعاً هم المعنيون بتقرير مصير المنطقة و ليس نقوك و لا المسيرية وحدهم ، بل كل من أقام بالمنطقة من السودانيين ، فمن أين لأبناء نقوك بالحركة الشعبية الحق في تنفيذ استفتاء يقصون فيه بقية أهل المنطقة بما في ذلك ما يربو على (30) ألف من أبناء دينكا نقوك المقيمين بالسودان ؟ و مع من إتفقوا على إجراء استفتاء بأبيي إن لم يكن هذا البرتوكول مرجعهم لهذه الخطوة؟ و إن كانت خطوتهم هذه مبررة فمن يمنع السودانيين الآخرين من مسيرية و نقوك و الآخرين من إجراء استفتاء من جانبهم ؟ و ما هو مبرر قوات اليونسفا المتواجدة بالأرض في تشكيل وحدات لحماية مراكز التصويت كما رأينا في وسائل الإعلام ؟ و من وراء خطوة نقوك الحالية و ما هي الأهداف من ذلك ؟ استناداً للبرتوكول تكون خطوة نقوك الحالية مخالفة واضحة و صريحة له و لما تم الإتفاق عليه و بالتالي لا إعتداد بها من حيث الشرعية القانونية لأنهم خالفوا نصوص البرتوكول في إجراء الاستفتاء من مشاركة كل المقيمين و تشكيل مفوضية للاستفتاء تضع معايير الإقامة و تحدد من يحق لهم التصويت . فهل خطوتهم هذه تمت باتفاق مع بعض دوائر المجتمع الدولي الأمر الذي جعلنا نشاهد قوات اليونسفا تحمي مراكز التصويت ؟ و هل هدفوا من ذلك جعل نتيجة التصويت كرت ضغط على دولة الجنوب و المجتمع الدولي تحت ذريعة حقوق الإنسان ؟ نستطيع أن نقول أن من قاموا بهذه الخطوة يدركون تماماً ما قاموا بهم لأنهم يتمتعون بدراية في السياسة الدولية و يعلمون البروتوكول جيداً و بذا نستبعد عنهم التحرك العشوائي بل نقول أن لهم أهداف يسعون لتحقيقها و نشير إلى حديث د. لوكا بيونق حينما قال ( أن عمليات التصويت قد بدأت الآن و هناك إقبال كبير عليها و لكن النتيجة ستواجه بتحديات كبيرة تتمثل في عدم إعتراف حكومة جوبا و الخرطوم و المجتمع الدولي بها و لكننا سنخوض معركة دبلوماسية كبيرة لإقناع المجتمع الدولي بها) ، إن ذلك يعني أن د. لوكا يدرك صعوبة قبول المجتمع الدولي بهذه النتيجة لمخالفتها للبرتوكول مرجعية الاستفتاء الأساسية و لكنه بالمقابل يرى أن المجتمع الدولي يمكن أن يقبل بها بعد ممارسة ضغوط و تشكيل لوبي في ذلك تحت ذريعة حقوق الإنسان و مبدأ تقرير المصير ، خاصة إذا أستمرت حكومة السودان في سياسة الانحناء للعاصفة التي ظلت يمارسها و يستغلها صقور الحركة الشعبية دوماً ، و لكن لو أن المجتمع الدولي قد فعل ذلك فستشكل تلك سابقة يمكن أن يفعل المسيرية مثلها بتبعية أراضيهم التي يسكنونها الآن للسودان بإجراء استفتاء مماثل ، و لن يحصل نقوك سواء على مناطق جنوب بحر العرب التي تم فيها استفتائهم الحالي، فضلاً على ذلك سيكون إنهيار تام لمصداقية المجتمع الدولي و مؤسساته الراهنة و ستعود الحروب مجدداً لتشمل كل الدول التي تعاني من مشكلة الأقليات الأثنية و الدينية .فهل يسعى المجتمع الدولي لذلك ؟ أم أن خطوة نقوك من ورائها حكومة جنوب السودان على الرغم من تصريحات وزيري الخارجية و الإعلام برفضها ؟ ما يجعلنا نطرح هذا السؤال هو تصريح د. لوكا الخاص برفض تصريح وزير الثقافة و الإعلام بدولة الجنوب و إعتباره كأن لم يكن مطالباً سلفاكير بقول ذلك مهدداً بأنه إذا صرح سلفاكير بعدم رغبته في نقوك في الجنوب حينها سيكون لكل حادث حديث ، مما يستشف منه تهديداً مبطناً للضغط على سلفاكير و إظهاره أمام شعب الجنوب بأنه قد تنازل عن أبيي ز لكن هناك مؤشرات تؤكد الموافقة السرية لدولة الجنوب على ما تم و تؤكد قيادة إدوارد لينو لعملية الاستفتاء بصحبة دينق اللور و لوكا و هو الممثل الرسمي للرئيس سلفاكير في أبيي باعتباره رئيس اللجنة الاشرافية المشتركة في أبيي فمشاركته و قيادته تعني قيادة دولة الجنوب لهذه العملية و موافقتها و إلا لقام سلفاكير بعزل إدوارد أن خالف سياسته ، لكن عدم اتخاذ دولة الجنوب خطوات لإيقاف الاستفتاء و في مقدورها ذلك و أعطائها الموظفين من أبناء نقوك إجازات مفتوحة مدفوعة القيمة يشير بوضوح لدور دولة الجنوب في الأمر خاصة إذا ربطنا ذلك بحديث وزير الثقافة و الاعلام ( مايكل مكوي) في برنامج ما وراء الخبر في قناة الجزيرة ليلة الخميس 13 اكتوبر 2013م الذي جمعه مع دينق اللور رئيس اللجنة العليا للاستفتاء و الخير الفهيم رئيس لجنة الاشراف المشتركة لأبيي / السودان الذي أكد فيه أحقية دينكا نقوك في أخذ نتيجة استفتائهم الحالي و عرضها على طاولة المفاوضات في الاتحاد الأفريقي و تأكيده على عدم أحقية المسيرية في الاستفتاء حتى و لو تم بصورة مشروعة مستنداً على تعريف برتوكول أبيي و متجاهلاً البنود الأخرى في البرتوكول على طريقة ( و لا تقربوا الصلاة). إن على حكومة السودان أن تدرك أن خطوة نقوك في اجراء الاستفتاء لم تكن قفزة في الظلام و بل هي خطوة مدروسة تقف من ورائها دولة الجنوب و بعض الدوائر في العالم التي تتبنى خط الحركة الشعبية و تدعمه و عليها أن تعمل على وضع هذه الخطوة على طاولة التشريح أمام رجالات السودان من المفكرين و ذوي الكفاءة و الدراية لا أن تتعامل معها بأنها خطوة عبثية لا فائدة منها ، و أن لا تترك الأمر لهؤلاء الذين يمسكون بالملف الآن لمحدودية تفكيرهم الذي لا يتجاوز أرنبة أنوفهم و حديث برنامج ما وراء الخبر الذي أشرنا له يؤكد على ما نقول ، و نقول لحكومة الجنوب أن أية توتر في منطقة أبيي سيعيد الأمور بين السودان و جنوب السودان إلى نقطة الصفر ، فهل بكم من رجل رشيد؟ نأمل ذلك . أمبدي يحيى كباشي حمدوك الأمين العام للهيئة القومية الشبابية الطلابية لمناصرة أبيي نوفمبر 2013م [email protected]