تظل مشكلة الأطفال المُشردين أو «أطفال الشوارع» - كما يُطلق عليهم في الأحايين الغالبة - هاجساً يؤرق مضاجع الكثيرين، ففي السودان نحو 60 ألف طفل مشرد كما تقول الإحصاءات الحكومية، بينما تشير تقارير شبه حكومية إلى أن عدد الأطفال المُشردين في السودان يفوق 80 ألف طفل مشرد، غير أنه وفقاً لمسح أجرته منظمة اليونسيف لرعاية الأمومة والطفولة أن 36930 هم عدد الأطفال المشردين في جميع مدن السودان عدا الولايات الجنوبية، وتحتضن الخرطوم منهم ما لا يقل عن 14329طفلاً. وإن صحّت الأرقام فإنها «كارثة» حقيقية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وتتطلب جهوداً جبارة من القائمين على أمر السلطة في البلاد وعلى رأسهم وزارة الشؤون الاجتماعية. والقضية الأخطر في تقديري هى تجنيد الأطفال في صفوف المليشيات المسلحة للقتال، وهي قضية منافية للأخلاف والأعراف والقوانين الدولية، وتتطلب جهداً كبيراً وقوانين رادعة لتفادي الزج بالأطفال الأبرياء في أتون الحروب القاسية. وتداعيات ظاهرة الأطفال المُشردين كثيرة وخطيرة، حيث أشارت إحصائية إلى أن النظام التعليمي يبقي نحو 45% من الأطفال في سن الدراسة خارج أسوار المدارس، ويلحق بهم 18% لعدم مواصلة التعليم إلى المرحلة الثانوية لأسباب اقتصادية أو إفرازات الحرب في ما يعرف ب«التسرب المدرسي»، وترسم هذه الإحصاءات صورة قاتمة لوضع الطفل في السودان، وتدق أجراس الخطر الذي يهدد نمو واستقرار المجتمع. وإذا نظرنا بعين فاحصة إلى أوضاع الأطفال في السودان فنجد أن الصورة «قاتمة» وحالكة السواد، فليس ببعيد عن الأذهان اختطاف المنظمة الفرنسية «لارش دي زوي» الفرنسية «103» أطفال سودانيين من شرق تشاد، وبالرغم من النشاط المكثف للمنظمات الطوعية الوطنية والأجنبية لمعالجة الظاهرة، ومع ازديادها بمحاربة أسبابها الاقتصادية والأمنية، يكون المجال في حاجة ماسة إلى العمل الشاق والطويل، ورغم ذلك يطل الفشل نتيجة الإجراءات الروتينية والديوانية التي تطل برأسها، لتعيق عمل تلك المنظمات التي لا تجد بُداً من الاستسلام. وإنني من هذه الزاوية أناشد المسؤولين بالدولة بحماية الأطفال وتوفير الظروف المناسبة لهم لعيش حياة كريمة ونيل حظ وافر من التعليم.