من المزعج أن تفقد أوراقاً مهمة ومستندات خاصة وتبدأ في رحلة استخراجها مرة أخرى وقد تكون في أمس الحاجة إليها والزمن لا يسعفك في قضاء أمورك ولكن من الجيِّد والمفيد أن تجد من يهتم بالمستندات المفقودة ويؤسس لها مشروعاً رائداً يساهم في استعادة الفاقد من المستندات من خلال صناديق وضعت في الشوارع الرئيسية لجمع الأوراق المفقودة.. «آخر لحظة» رصدت المشروع ولأهميته في نشر ثقافة الاهتمام بالأشياء والتحلي بالمسؤولية الاجتماعية والقيم الأخلاقية والحضارية التقت صاحب المشروع والفكرة الرائدة المهندس عمر محمد الأمين قنديل وكانت الإفادات التالية.. أصل الفكرة من واقع تجربتي مع الأوراق الضائعة وفي رحلة البحث اكتشفت الكم الهائل من المستندات التي تضيع ولا أحد يهتم بها والمعاناة التي يلاقيها أصحاب المستندات المفقودة في سبيل استخراجها مرة أخرى ففكرت في وسيلة فعالة تجعل المشكلة محلولة عن طريق مشروع جمع المستندات، المفقودة عبر صناديق يتم توزيعها على الشوارع الرئيسية بالخرطوم عليها رقم خاص للاتصال ورابط الكتروني للمشروع لسهولة التعامل مع المواطنين. الفكرة بدأت بصندوقين بشارع الحرية وشارع البرلمان لتحديد إمكانية تفاعل المواطنين معها وأثبتت التجربة نجاحها في فترة وجيزة حيث جمعت أكثر من «10 آلاف» مستند وتم استعادتها بواسطة أصحابها مما منحني الشعور بالمواصلة وتوسيع المشروع بإضافة المزيد من الصناديق الخضراء في ولاية الخرطوم وبالتحديد محلية الخرطوم على أمل الانتشار لمحليات الخرطوم السبع. واجهتني بعض الصعوبات طبعاً في بداية المشروع من حيث نقد الآخرين لي بصعوبة تنفيذ الفكرة لكن إيماني بها دفعني للمواصلة والصبر على النتائج ورغم التكلفة المادية التي أرهقتني لكن النتيجة كانت مرضية بدليل النجاح لها. عملية التفريغ تتم يومياً عند انتهاء اليوم وبعدها تجمع كل وثيقة أو مستند حسب تصنيفه ويمنح رقم ويتم أرشفته وتنزيله بالموقع الالكتروني ويحفظ في ملفات معينة. ü الخدمة التي أقدمها تحتاج لدعم من حكومة الولاية بطبيعة الحال أو بعض الجهات والمنظمات لما لها من فائدة ترجع للجميع وتساهم في كسب الوقت في استرجاع الوثائق المهمة رغم أنني أتلقى رسوماً رمزية مقابل الخدمة لكن أيضاً أتعامل مع أصحاب الأوراق الصحية أو كروت التأمين أو المتعلقة بالفحوصات الطبية بإرجاعها مجاناً. أتمنى أن ينتشر المشروع في كل ولايات السودان وتصبح ثقافة استرجاع الأوراق والاحتفاظ بها في الصناديق شيء معروف يساهم في الرقي الحضاري للسلوك. من آخر لحظة.. بالفكرة البسيطة والكبيرة المعنى نستطيع أن نضيء شمعة وبالتجربة والصبر ننال النجاح وهنا أمامنا مشروع رائد ومهندس ذو نظرة ثاقبة ومجتمع متفاعل فقط يحتاج المشروع لمد يد العون للتقدم به وتطويره وآخر لحظة ترسل نداءها للجميع للمساهمة.