كعادتي دوماً أجلس على الانترنت متى سنحت لي الفرصة... بحثاً عن أخبار صديق أو معلومات معرفية يحتاجها المرء بين الفينة والأخرى.. وقد جذبني - مثل الكثيرين - موقع للتواصل الاجتماعي وشدني للتعامل عبره مع الاصدقاء والزملاء.. أنجزت الكثير من «صفقات» العمل من خلاله... فاحدهم يخبرني بحاجة إصدارة ما إلى مخرج.. وآخر يطلب تصميم شعار أو «يافطة» أو أي عمل آخر يرتبط بالمجال الفني... الموقع الذي أعنيه هنا - وقد صار أشهر من نار على علم - هو موقع الفيس بوك Facebook ... ü مؤسس الموقع مارك زكربيرج أسس الموقع حين كان طالبا في جامعة هارفارد وكان الموقع في البداية مخصصا فقط للطلبة في جامعة هارفارد فقط لكن تم توسعته لاحقا ليسمح لطلبة الجامعات بشكل عام بالاشتراك في الموقع من ثم تم توسعته ليشمل طلبة المدارس الثانوية وأي شخص يتعدى عمره 13 سنة. ü بقدر ما اسعدني بخدماته السهلة والسريعة.. إلا أنه كان بوابة لبعض الحزن والأسى لما رأيت من عجائب على «حائطه» ... فهو يجذب كل الأعمار والطبقات.. وقد صار أغلب مرتاديه من الاطفال وصغار السن... وذلك تحديداً ما ازعجني... إذ بات صغارنا مدمنين للتواصل عبره... وهذه هي الخطورة بعينها خصوصاً وأن شركات الاتصالات قد اتاحت الخدمة لكل مشتركيها.. وبأسعار مغرية ورمزية. ü خوفنا هنا على صغار السن.. الذين لا يزالون في طور بناء الشخصية... وتكوين مهارات اجتماعية كثيرة ستندثر على تخوم مواقع التواصل الوهمي. ü صديقان يسكنان مع بعضهما في غرفة واحدة... أدمنا الفيس بوك على الجوال.. صارا يراسلان بعضهما حتى عندما يكونان معاً... تجدهما في حالة صمت غريب.. منهمكين في كتابة الرسائل دون ان يرفع أحدهما رأسه عن شاشة الجوال... ما شد انتباهي أن احدهما اصيب بالتهاب حاد.. وقد عرفت ذلك عندما اجريت معه اتصالاً ولم يعرف بذلك صديقه الذي ما انقطع عنه لحظة على «النت» ولم يسمع صوته الذي ينبئ بما أصابه..!! ü هل هذا تواصل...؟ ü بالتأكيد أن لهذه المواقع فوائدها وإيجابياتها... ولكن بالضرورة لها سلبيات لا تحصى ولا تعد.. خصوصاً تأثيرها السلبي على صغارنا... أجيال الغد.. والذين أراهن على أنه لو استمرت هذه المواقع دون رقيب.. فسنحصد اجيالاً من فاقدي المهارات... حتى المخاطبة و«الونسة العادية»... والإحساس المباشر بالحياة وحراكها الظاهري والتفاعل مع المواقف والشخوص... لن يجدوا سبيلاً لكسب أية نوع من تلك المهارات التي تشكل لنا «الحياة» عموماً... ü لا بد من تقييد هذا «الثور الهائج».. حتى لا يحطم عقول أبنائنا.. وآمال مستقبلنا..