الفيس بوك بوابة من بوابات ذلك العالم الافتراضي الذي لا تحكمه ضوابط أو مدارك فكل شيء مباح، الخيانة والثقة، التقارب والتباعد، الحب والكراهية، أو كما يذكر على الفيس بوك like - unlike . كما أن جسر التواصل محبب وسهل في العالم الافتراضي، ومع الأشخاص الإلكترونيين، ولكنه معقد وصعب في العالم الحقيقي، الذي لا تديره "الكليك"، وليس فيه خيار "الظهور دون اتصال". وأوضحت العديد من الدراسات أن استخدام الانترنت خاصة لدى شرائح المراهقين والشباب أصبح بديلا للتفاعل الاجتماعي الحقيقي مع الرفاق والأقارب، وأصبح هم الفرد قضاء ساعات طوال في استكشاف مواقع الانترنت المتعددة خاصة الفيس بوك. إلا أن دراسة أجراها مشروع "بيو" للإنترنت والحياة الأمريكية قد أشارت إلى أن الأمريكيين الذين يستخدمون تقنيات الاتصال الحديثة اجتماعيون أكثر من غيرهم. حيث أنه وعلى الرغم من ان استخدام الشبكات الاجتماعية على الانترنت قد يحل محل العلاقات الواقعية، إلا أن الدراسة أظهرت أن مستخدمي الانترنت قد يزورون جيرانهم مثلهم مثل الآخرين. "سميرة غالب" وهي تعمل طبيبة تقول : "ابني يتمتع بذكاء حاد، وطبع خجول ويميل للانطوائية منذ الصغر، ولكنه لم يخرج أبدًا عن الحد المعقول، فكان يلعب في طفولته مع الأطفال، و له بعض الأصدقاء، ويحب الجلوس معنا، ولكن، مع دخوله عالم الإنترنت خاصة الفيس بوك، فقدناه تمامًا أو ربما فقد هو حياته وكل أحبابه" وتضيف: "لقد أصر زوجي على ألا يحرم ابنه المتفوق من تقنية حديثة تعزز معلوماته، وتسهل دراسته، فدراسته لم تتأثر، ولكن ما فائدة ذلك وهو أسير الانترنت، وإذا فارقه كان معنا جسدًا بلا روح أو قلب، فأي حياة هذه؟" ويقول جهاد "طالب جامعي": إن للفيس بوك جوانب سلبية وإيجابية وهذا يعتمد على كيفية استخدامنا له ويكمل أن الفيس بوك لا يمكن أن يكون وسيلة تعزله عن واقعه الاجتماعي وعاداته وتقاليده التي تربى عليها في هذا المجتمع. وتقول الاخصائية بعلم النفس "دارين أبو عيسى": أن هناك عدة أسباب لانتشار ظاهرة الفيس بوك فالمراهقين والشباب الذين يعيشون في جو مغلق ومتعصب يلجؤون للفيس بوك ويقضون أوقاتاً طويلاً في استخدامه هروباً من واقعهم الذي رفضوه ليتحول الفيس بوك بالنسبة لهم من واقع افتراضي إلى واقع حقيقي ينغمسون فيه، أما الشباب الذين يعدون أنفسهم يواكبون العصر فالفيس بوك عندهم مجرد موضة وظاهرة منتشرة عليهم ممارستها. وتتابع قولها أنه ليس بالضرورة أن يؤثر الفيس بوك سلباً على حياة الأشخاص أو على علاقاتهم الاجتماعية. ومن خلال القيام بعملية إحصائية قمنا بها لمعرفة زمن وأسباب استخدام الفيس بوك عند الشباب تم الحصول على النتائج التالية: -أن نسبة 77% من مستخدمي الفيس بوك يستخدمونه بحدود 3 ساعات يوميا -تبين وجود أكثر من دافع لاستخدام الفيس بوك منها طقوسية (التسلية- الهروب من المشاكل- البحث عن أصدقاء– تشات)، ومنفعية (البحث عن معلومات سياسية وآراء - الثقافة) وبالتالي فإن جميع هذه الدوافع تؤدي إلى إشباع رغبات المستخدمين وفضولهم إلى المعرفة والتسلية بوقت واحد. -أن 70% من مستخدمي الفيس بوك استخدموه للتواصل في المناسبات الاجتماعية خاصة أعياد الميلاد والأفراح والتعزية لكنهم رفضوا فكرة أن الفيس بوك قد يعزلهم عن الواقع الاجتماعي الحقيقي ويفضلون لقاء الأشخاص شخصياً على التواجد معهم في الواقع الافتراضي. ترجع فكرة نشأة موقع الفيس بوك إلى صاحبه " مارك زوكربيرغ " حيث أخذ على عاتقه تصميم موقع على شبكة الإنترنت ليجمع زملاؤه في الجامعة (جامعة هارفارد الأمريكية) ويمكنهم من تبادل الأخبار والصور والآراء. وما ان أطلق "مارك زوكربيرغ" موقعه "فيس بوك" في عام 2004، حتى لقي الموقع رواجاً بين طلبة جامعة "هافارد، واكتسب شعبية واسعة بينهم، الأمر الذي شجعه على توسيع قاعدة من يحق لهم الدخول إلى الموقع لتشمل طلبة جامعات أخرى أو طلبة مدارس ثانوية يسعون إلى التعرف على الحياة الجامعية. استمر موقع "فيس بوك" قاصرا على طلبة الجامعات والمدارس الثانوية لمدة سنتين. ثم قرر "زوكربيرغ" أن يخطو خطوة للأمام، وهي أن يفتح أبواب موقعه أمام كل من يرغب في استخدامه، وكانت النتيجة طفرة نوعية في عدد مستخدمي الموقع. ومن الطبيعي أن يلفت النجاح السريع الذي حققه الموقع أنظار العاملين في صناعة المعلومات، فبات واضحاً أن سوق شبكات التواصل الاجتماعي عبر الانترنت ينمو بشكل هائل، ويسد احتياجاً هاماً لدى مستخدمي الانترنت خاصة صغار السن.