*لم تقتصر جهود منظمي (برنامج ضيوف خادم الحرمين) على ترتيب الزيارات للمواقع المقدسة في الحرمين وما حولهما، ولا على تمكين الضيوف من أداء المناسك والشعائر.. فقد فعلوا كل هذا وفق تنظيم دقيق ومدروس.. لكن أفق البرنامج تطور إلى ما هو أبعد من ذلك من أهداف ومقاصد.. فمن أهم مقاصد البرنامج وفق ما تابعت ورأيت وشاهدت، بل وشاركت، هو تحقيق وحدة الأمة ورعاية شؤونها عبر تبادل الأفكار والفهم المشترك لأسس العقيدة مع تقدير التنوع والتعدد بين أقطار وبلدان العالم الإسلامي في مشارق الأرض ومغاربها، استذكاراً لآية الذكر الحكيم ( إِنَّ هذه أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ). *فقد عقد منظمو البرنامج عدة لقاءات، بدأت بإمامي المسجد النبوي والمسجد الحرام، اللذين شنفا آذاننا بتلاوة الذكر الحكيم، قبل أن يدلفا إلى الحديث عن هموم الأمة والمشكلات التي تواجه البلدان الإسلامية، والعربية بخاصة، ويمتد خطرها إلى الإنسانية جمعاء.. وقد ذهب إمام المسجد النبوي الشيخ صلاح البديري، الذي زارنا بمقر إقامتنا في فندق (كراون بلازا) بالمدينة المنورة، إلى التحذير من الفتن ومن الذين ينسبون أنفسهم إلى الإسلام، ويزعمون أنهم يحملون لواء الجهاد، ويُقدمون على قتل المسلمين وغير المسلمين بغير حق، مشوهين صورة الإسلام الناصعة.. وأضاف الشيخ البدير: إن الجماعات الجهادية التكفيرية تخالف النصوص الشرعية والمصلحة المرعية للإسلام والمسلمين، بأفعالها المشينة، مطالباً بحماية الشباب من الأفكار المتطرفة لهذه الجماعات، ووصفها بأنها تتبنى (أفكار الخوارج وأشباههم).. الذين تأذّى منهم الإسلام والمسلمين في سالف العصر والأوان.. كما ذهب إمام الحرم المكي نفس المذهب ونبه إلى الأفكار المحبطة للأمة لدى زيارته لنا بمقر إقامتنا في فندق ماريوت، حيث التقى الضيوف في مصلى الفندق.. *ونظم القائمون على أمر البرنامج لقاءات جمعت بين ممثلين للدول المستضافة، من أجل التعارف والتثاقف حول عادات وطبائع شعوبهم الاجتماعية، في المأكل والملبس وأسرار هذا التباين سواء لاتصاله بالمناخ أو القيم الاجتماعية الموروثة، واهتم القوم بالزي السوداني ومفرداته خصوصاً... وقدمنا مع بعض الإخوة المرافقين شرحاً وافياً حول الجلباب السوداني وأنواعه، وكذلك العمامة التي أوضحنا أنها (عربية) قبل أن تكون سودانية، فهي من أزياء الحواضر العربية في ماضي الزمان، في الحجاز والعراق وبلاد الشام. *كما نظم القائمون على البرنامج (ندوة فكرية) حول الإرهاب.. أسبابه وتداعياته، تحدث خلالها كاتب هذه السطور إلى جانب فضلاء من ضيوف الأقطار الثمانية التي ضمتها الدفعة السادسة في برنامج خادم الحرمين الشريفين، بينهم مفتي تونس وعلماء ودعاة حول المخاطر التي تحيط بالأمة جراء الإرهاب.. وركزتُ في كلمتي بشكل خاص على (الأفكار) المنتجة للإرهاب، ومدى مفارقتها لمقاصد الإسلام، وضرورة التصدي لها.. باعتبار أن المقاومة المادية والإجراءات الأمنية هي جزء مما هو مطلوب لمواجهة الخطر.. ذلك لقدرة (الأفكار) على إنتاج إرهابيين جدد كل حين، وأوضحت أن المملكة العربية السعودية تتحمل مسؤولية خاصة في ذلك بحكم حمايتها وإدارتها للديار المقدسة مهبط الوحي ومركز الإشعاع الفكري للإسلام بسماحته ووسيطه ورفضه للتزمت والتنطع والتشدد.. (فما شاد الدين أحد إلا غلبه)، كما يعلمنا النبي الأعظم، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، أو كما قال.