في البداية أقر بأنني أعلم جيداً رؤية الدولة الرامية إلى أن يكون ولاة الولايات من غير أهل الولاية، وهذه الرؤية جاءت بعد تمحيص دقيق لتجربة الحكم الولائي في العقدين الماضيين.. ولكن على يقين بأن لكل قاعدة استثناء ولكل رؤية رؤية بديلة.. وشاهدي على ذلك تجربة مولانا أحمد هارون والي شمال كردفان.. تلك التجربة التي أفرزت قيمة ناجحة بكل المقاييس.. وهو يمارس الحكم بين أهله وعشيرته الذين تجاوبوا معه تجاوباً أذهل الجميع حيث وقفوا بجانبه مساندين لكل المشاريع التي طرحها ومساندين رواه للحكم الراشد. ساقني لسرد هذه التجربة الثرة التطورات التي شهدتها ولاية نهر النيل مؤخراً بعد تنحية واليها السيد محمد حامد البلة، رغم مسيرته الناجحة خاصة تجربته في محافظة مروي التي عايشتها بحكم الإنتماء، حيث أضحت التجربة أهزوجة لمواطن المنطقة نتيجة للنجاحات التي حققها واستفاد منها عدد مقدر من الكوادر الشبابية بالمؤتمر الوطني.. أما تجربته القصيرة في ولاية نهر النيل فقد صاحبتها الكثير من الاخفاقات لأسباب ترجع للوضع بالولاية بسبب هذا كان تقويمها. بعد صدور القرار الجمهوري باقالة السيد البلة برزت على السطح عدد من الترشيحات لتولي المهمة.. وهي ترشيحات لا تلبي في رأئي المتواضع طموحات وتطلعات إنسان الولاية العريقة وتاريخها الضارب في القدم. واستناداً إلى تجربة مولانا أحمد هارون الناجحة يرى العديد من المجتمعين أن ابن الولاية الأستاذ محمد الشيخ مدني من أفضل الشخصيات في هذا الظرف المعضلي الذي تعيشه الولاية والسودان بصفة عامة، وذلك لما يتمتع به من خصال يندر وجودها في هذا الزمان.. الأخ محمد الشيخ مدني ربطتني به علائق وثيقة وراسخة بدأت منذ أيام الدراسة بمدرسة وادي سيدنا العريقة قبل أكثر من نصف قرن من الزمان.. عرفت فيه الشجاعة في قول الحق والتواضع والنزاهة والشفافية والإيثار هذا عن الجانب الشخصي.. أما عن الجانب العام فالحديث يطول فقد عرف بالتصاقه الحميم بأهل الولاية.. ومازال أصدقاؤه يذكرون أنه طيلة العقود الماضية لم يقضِ أيام الأعياد بعيداً عن الولاية وإنسانها إلا لأسباب قاهرة، وهناك حكاوي ونوادر يجترها المقربون منه في هذا المجال. هذا عن الجانب الإنساني.. أما الحديث في خبراته التراكمية فيطول، فقد اكتسب خبرات في الإدارة في حقل التعليم معلماً وموجهاً ووزيراً ، بجانب خبراته في القطاع الرياضي وفي إدارته لإحدى أكبر الشركات الخاصة وأعني بها شركة الروبي التي حقق فيها انجازات باهرة شهد بها أصحاب الشركة، وطيلة ربع القرن الماضي تبوأ الأستاذ محمد الشيخ مدني أرفع المناصب الوزارية ورئاسة المجلس التشريعي لولاية الخرطوم، وحقق في هذه المواقع انجازات باهرة شهد بها الجميع.. أما على مستوى ولاية نهر النيل فمنذ أكثر من عقدين ظل يقود لجنة تطوير منطقة شندي ،وظل دكتور نافع علي نافع بجانبه يشد من أزره كما أنه ظل يقود مسيرة جامعة شندي منذ إنشائها. مقترحي الخاص باسناد مهمة إدارة ولاية نهر النيل العريقة يأتي من مواطن بسيط، يقدمه بكل الاحترام والتقدير للسيد رئيس الجمهورية المشير عمر البشير الذي خبر الأستاذ محمد الشيخ مدني في العمل العام طيلة ربع القرن الماضي.. وخبر مقدراته المتمثلة في الشفافية والتحرر ،وأنا أعلم جيداً أن هذه الكلمات لن ترضى الأستاذ محمد الشيخ مدني.. ولكن أقول لا خير فينا إن لم نصرح بالحقيقة ونعطي كل ذي حق حقه.. وأقول في ختام هذه الكلمات إن الأستاذ محمد الشيخ مدني ظل مقبولاً في كل ألوان الطيف السياسي والاجتماعي والإداري والرياض.