لو شفت مرة جبل مرة.. هكذا تقول الأغنية الذائعة الصيت التي صاغ كلمتها الأستاذ والعبقري عبد الكريم الكابلي بعد أن شاف جبل مرة.. لهذا جاءت كلماته معبرة لواقع الحال الذي شاهده من سحر للطبيعة وشلالات وغابات ومياه وإنسان جميل وودود.. لهذا لاغرو إن جاء اللحن معبراً لتلك الأحاسيس الصادقة التي تؤثر الفؤاد وتبقى في الذاكرة وتدخل الطرب وتدغدغ المشاعر.. وازداد الحسن إحساناً بالأداء المميز لصاحب الصوت الرخيم الفنان أبوعركي البخيت.. نعود للجبل الذي عشن فيه سنة كاملة في درته - قلول - الساحرة الفردوس المفقود.. شلال (كون) وبركته معلم بارز يزينها ويزيدها بهاء وألق.. الغابات الكثيفة التي تحيط بها إحاطة السوار بالمعصم.. لهذا لا غرو إن امتازت بزراعة شجرة عيد الميلاد والتي كانت الطائرات تنقلها إلى العالم المسيحي وهو يحتفل بعيد الميلاد بكميات مهولة تدعم خزانة الدولة من عملات صعبة وأتحدى أن يكون من يعرف هذه المعلومة.. في هذه الغابات كانت توجد النمور والقرود وكثير من الحيوانات أخرى وأذكر أنه كان مسموح لنا بصيد واحد كل شهر، كان ينقسم على معسكر عمال الغابات وعملية الصيد تتم على مغربة أمتار من السكن.. أشجار البرتقال والتفاح من الفواكه التي تشتهر بها منطقة الجبل.. لا زالت الذاكرة تختزن سيرة الرجل العصامي شيخ محمد في تطور مزرعته.. بل كرمه الذي لم أرَ له مثيلاً لكل من تطأ قدماه أرض الجبل.. شاركت واستمتعت وابتهجت بالمشاركة في الاحتفالات الشعبية ولعبت الكسوك وغيرها من الرقصات.. بلا شك أن للغابات دوراً كبيراً في إحداث تنمية حقيقية في الجبل.. كان عدد العمال يفوق الثلاثين ألفاً ومعظمهم من النساء.. المرأة تمثل حضوراً كبيراً في كل الأعمال. طافت هذه الذكريات وأنا أستمتعت بسماع أغنية جبل مرة.. لقد أثلج قلبي القرار الذي اتخذه الوالي الشرتاي جعفر عبد الحكم بنقل مكتبه إلى فلول في قلب الجبل بعد أن جرده بالكامل من فصائل التمرد الدارفوري.. وكم أثلج القلب أن سمعت من أن السلطان أحمد حسين علي دينار تبنى نفرة قومية للجبل لدعم الاستقرار والسلام والتنمية عبر انطلاقة محمل السلطان علي دينار.. ولعمري أنها خطوة رائدة.. فالمحل الذي كان ينطلق من دارفور إلى مكة يحمل الدعم والخير.. يعود إلى دارفور بدعم حفيد السلطان حاملاً معاول التنمية والنماء والإعمار للإنسان والمكان.. لا بد لكل عارفي فضل السلطان علي دينار وما قدمه من عطاء باسم أهل دارفور أن يشاركوا في نفرة محمل السلطان علي دينار لدعم السلام التنمية في جبل مرة. للحديث بقية إن أمد الله في الآجال عن هذا الجبل الذي يضاهي جبال لبنان جمالاً.. التحية للشرتاي عبد الحكم بهذه الرؤية الثاقبة ونمد أيدينا لدعم وتحريك هذه النفرة المباركة.