تهيئة البئية السياسية المتمثلة في بسط الحريات ووقف الاعتقالات السياسية كانت وما زالت أبرز المطالبات التي أجمعت عليها كافة القوى السياسية ،باعتبارها المؤشر الوحيد لقياس مدى جدية الحكومة في أي تحول ديمقراطي ، ومعيار مهم لتعافي المناخ السياسي، لذا أصبحت المعارضة (تلاوي) بها الحكومة وتضعها كاشتراطات للدخول في أي حوار مع النظام ، وتمهيداً لانطلاق مؤتمر الحوار الوطني، بادر رئيس الجمهورية المشير عمر البشير بالعفو عن المعتقلين السياسيين وتم إطلاق سراح عدد مقدر كان بسجن كوبر، إلا أن المعارضة مازالت تؤكد وجود معتقليين بالسجون وتتمسك بموقفها من الحوار الوطني بيد أن البشير أعلن خلال مخاطبته اجتماعات الجمعية العمومية للحوار الوطني أمس الأول عدم وجود أي معتقل سياسي في البلاد، ووعد في حالة وجودهم أن يتم إطلاق سراحهم قبيل المؤتمر العام للحوار الوطني الذي ينطلق في العاشر من أكتوبر المقبل، حديث الرئيس استقبلته بعض القوى السياسية بترحيب كبير باعتباره يصب في مصلحة الحوار ويؤكد جدية الحكومة ،في الوقت الذي قابلته قوى معارضة بالفتور والبرود وجددت موقفها بعدم ثقتها في الحكومة. تعقيدات قانونية رئيس جبهة شرق السودان سليمان اونور وصف انعقاد الجمعية العمومية للحوار بالمهمة، وقال إنها تفتح الطريق للممانعين وتدعمهم للتوقيع على خارطة الطريق، إلا أن اونور عاد وأكد وجود بعض المعتقلين السياسيين يكتنف موقفهم بعض التعقيدات القانونية مما يجر القضية من حكم سياسي إلى جنائي،خاصة أولئك الذين تم اعتقالهم في المظاهرات أو غزو أمدرمان في العام 2008م،رغم أنها في الإطار العام قضايا سياسية، وأعرب عن أمله أن يشملهم القرار دون النظر للتعقيدات المذكورة، لأن المبادرة جاءت من رئيس الجمهورية وبالتالي له سلطة العفو وإطلاق سراحهم، وتوقع اونور أن تجد الخطوة قبول وارتياح من حركة العدل والمساواة باعتبارها أكثر حركة لها محكومين مما يحفزها للانضمام للحوار. محفز القيادية بالمؤتمر الشعبي سهير عبد الرحيم لم تذهب بعيداً عما ذهب إليه اونور حيث وصفت الخطوة بالإيجابية وقالت إنها سترسل رسالة لغير الموقعين وتشجيعهم للتوقيع على خارطة الطريق كما أنها تعتبر محفزاً للأحزاب الرافضة للحوار بالداخل وتؤكد جدية النظام في الايفاء بالتزاماته تجاه الحوار وتهئية المناخ السياسي، واضافت على المعارضة ان تتمسك بحديث الرئيس البشير، إلا أن يتحقق ما قطعه على نفسه ونرى سوداناً خالياً من أي معتقل سياسي. خطوة متأخرة أما القيادي بالحزب الناصري وقوى الإجماع الوطني ساطع الحاج قال حديث الرئيس سمعناه كثيراً وأصبحنا نحفظه عن ظهر قلب، واعتبر أن القرار لا يخرج من كونه وقتي وسيلحق بالقرارت السابقة، وأضاف الآن أنا أمثل الدفاع في قضية الشقيقين عماد الصادق وعروة الصادق اللذين تجري محاكمتهما الآن، وشدد ساطع على ضرورة إلغاء القوانين المقيدة للحريات إن كانت الحكومة جادة في ما تقول . فيما وصف القيادي بالإصلاح الآن د. أسامة توفيق الخطوة بالمتأخرة وتساءل لماذا يوجد معتقلين من الأساس ونحن نتحدث عن حوار، واصفاً أن إطلاق المعتقلين وبسط الحريات من أهم مقومات إنجاح الحوار،وتخوف توفيق من عدم جدية الحكومة في اطلاق سراح المعتقيلن لعدم توفر الإرادة السياسية،وسبق أن أمر الرئيس بإطلاق سراح المعتقلين، ولكن سرعان ما تم اعتقال قيادات سياسية معروفة كالصادق المهدي وفاروق أبو عيسى ومريم الصادق،مما فسرها المتحاورين بعدم جدية الحكومة في ما قطعته على نفسها،رغم أن ذلك كان أول اختبار حقيقي من المعارضة تجاه جدية الحكومة والتي فشلت فيه بامتياز،وانتقد توفيق خلال حديثة ل (آخر لحظة ) التضيق الذي مارسته الية الحوار الوطني في منع رئيس قوى المستقبل د.غازي صلاح الدين من القاء كلمة في الوقت الذي منحت فيه فرص لأكثر من (20) شخصية.