جرى التغيير الثاني وسط الولاة ، ولكن هذه المرة هبت رياحه غرباً ، وغادر والي غرب دارفور د. خليل عبد الله ، منصبه ليجئ ابن ولايته (سنار) ، فضل المولى الهجا فضل المولى خلفاً له. والملاحظ في التغيير أنه تم بطريقه سلسة وسريعة ، ولم يشهد مخاضاً عسيراً مثلما جرى في نهر النيل ، حيث رشحت نحو تسعة أسماء ، قبل أن يستقر الرأي على اللواء حاتم الوسيلة، ويبدو أن الرئاسة استفادت من خطوة نهر النيل ، ولم تترك فاصلاً زمنياً بين قرار إعفاء خليل وتعيين خليفته، ولم يتجاوز الأمر ثلاثة أيام. القرار السريع واحدة من أبرز مؤشرات التعجيل في تسمية الوالي الجديد ، أن ما تسمى بقائمة الخمسة الشهيرة داخل الحزب الحاكم ، كانت واضحة في ولاية سنار والتي تضم بجانب الهجا وخليل ، الوالي السابق أحمد عباس ، دكتور محمد مصطفى الضو والذي يشغل حالياً منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس الوطني بدرجة وزير ، ورئيس تشريعي سنار الأسبق د.أسامه عبد الكريم ، وبالتالي هو الوحيد الذي كان منافساً للهجا الذي رجحت كفته وهو أصغرهم سناً. من هو الهجا من مواليد قرية السبيل بريفي غرب سنار في العام 1968، انتمى للحركة الإسلامية منذ صغره ، كما انه قيادي طلابي وشبابي سابق ، درس بالجامعات المصرية ، وكان رئيساً لاتحاد الطلاب السودانيين بالقاهرة. وربما سبب ارتفاع أسهم الهجا أنه خريج مؤسستي الدفاع الشعبي والشرطة الشعبية، ومعلوم طبيعة الأوضاع بغرب دارفور والتي تتطلب توافر البعد الأمني في الوالي، وقد تولى الهجا في المؤسستين مناصب قيادية، حيث كان منسقاً للدفاع الشعبي محافظة سنجة في بواكير الإنقاذ ومنسق الشرطة الشعبية ولاية سنار ، وقد قام بعمل كبير أهله للانتقال في ذات المنصب على مستوى ولاية الخرطوم ، وكان ذلك مدخلاً لتوطيد علاقاته مع قيادات المركز. ويعد الهجا من المقربين جداً لوالي شمال كردفان مولانا أحمد هارون حيث عمل معه بالشرطة الشعبية ، ولا يستبعد أن تكون تزكيته للمنصب جاءت من هارون والذي هو محل ثقة الرئاسة. خبرة تنفيذية وسياسية يعتبر فضل المولى سياسياً من الدرجة الأولى بل يعتبر من القلائل الذين يغادرون المؤسسات الخاصة وينجحون في العمل التنفيذي والتنظيمي كذلك، حيث تولى الهجا وزاة مهمة وحيوية ستعينة كثيراً في مهمته بغرب دارفور ، كونها وزارة قريبة جداً من المواطن حيث كان وزيراً للشؤون الاجتماعية بسنار ، فضلاً عن ذلك أن تجربة الهجا التنفيذية نضجت بتوليه منصب نائب الوالي بسنار ، ولك أن تتصور أنه نائب لوالي صاحب خبرة كبيرة (أحمد عباس) ، كما كان الهجا معتمداً لسنار وهذه كلها خبرات يتفوق بها على خليل ، الذي أجاد ضبط المال العام ، وترتيب الخدمة المدنية ، ولكن لم يوفق في الجانب الآخر وهو الأهم خاصة في ولايات دارفور وهو العلاقة مع الإدارة الأهلية ، ولعل مهمة الهجا لن تكون عسيرة كون سنار بها نحو ستة (نظارات) أهلية وامتد تواصله معهم كوزير للشؤون الاجتماعية وكنائب لرئيس الحزب الحاكم بسنار. إطفاء الحرائق لن تؤثر مجموعات الضغط والمصالح ، بغرب دارفور في الهجا كثيراً ، وذلك أن الرجل صاحب خبرة في (المعافرة والصراعات) ، فلم تشهد فترته في سنار الهدوء قط ، حيث كان الوالي أحمد عباس شاهراً سيفه على الدوام ولكن طيلة تلك الفترة ظل الهجا بمثابة رجل إطفاء للحرائق ، فاحتفظ بعلاقته مع عباس ومع خصوم الأخير في ذات الوقت ، مما يعني أنه يعرف المنطقة الوسطى وهو الأمر الذي فات على خليل وعجل برحيله. كما أن ما ساعد الهجا على نيل ثقة الرئيس ، تقلبه في مواقع سياسية وتنفيذية في ولاية واحدة لفترة طويلة حتى وصوله لمنصب نائب الوالي وقطعاً في كثير من الأحايين كان والياً بالإنابة ، مما يعني استيعابه لدور الرجل الاول . محطة مهمة قطع خليل خطوات مقدرة في بناء المؤتمر الوطني بغرب دارفور ، مما سهل الأمر على الهجا ،وفي هذا الجانب تجربة الهجا كبيرة جداً حيث تقلد مواقع مختلفة في الحزب بسنار حتى وصل إلى مقعد الرجل الثاني بالولاية ، وبالتالي يعرف كيفية البناء التنظيمي .. غادر الهجا سنار واستقر بالخرطوم في حي الأزهري وولج البرلمان عبر دائرة سنار فاستعان به حزبه في مجال الاتصال التنظيمي ، وهو مشرف سياسي على النيل الأبيض وكردفان.. أما من عيوب الهجا ، فهي تحفظه حيال الصحافة ولعله اكتسب هذه الصفة غير الحميدة منذ وجوده في سنار عندما كانت لا تذكر الولاية إلا سلباً حتى جاء الضو الماحي وغير الصورة ، ومما قد يؤخذ على الهجا أنه شخصية مرحة ، وتلك الصفة قد لا تكون ملائمة لمجتمع غرب دارفور.