مصطلح (الصّفقة دِنقير)، من الصّعب ضبطه، لأن معناه يُستفرع من مُقتضى الحال..إنّها العبارة الواقفة عند مفترق الطرق، تماماً مثل تلك الصخور التي اعترضت النيل وضللّته عن التيه في العتامير، فدلف غرباً وجنوباً نحو صحراء بيوضة، ليستسلم أخيراً إلى قدره النهائي ماضياً نحو الشمال، محفوفاً بالرمال .. تماماً مثل حال مفاوضات خارطة الطريق في أديس أبابا، ففي اللحظة التي تتحدث فيها وكالات الأنباء عن انسحاب هذا الطرف أو ذاك من جلسات التفاوض، أو تؤكد فشل المفاوضات، أو وصولها إلى طريق مسدود، أو رفع جلساتها لأجل غير مُسمى ،، تكون المفاوضات في تلك اللحظة قد قطعت شوطاً بعيداً، باتّجاه مواءمة مواقف الطرفين، إذ لا مناص من الاتفاق بين الحكومة والمعارضة هذه المرّة، وإلا، فإن )مَامَا أمريكا حتزْعل(!!.. مصطلح (الصّفْقة دِنْقيرْ) ليس ترنيمة بريئة، ولا هي بيعٌ بما يرضي الله ورسوله..!! فالمسألة- أبداً أبداً- ليست في بساطة حركات الكورَسْ المُصاحب لعبد القيّوم الشريف أو صدّيق أحمد، أو عيسى برّوي.. هو قول يحمل تقريظاً، لمن ينغمس بكليّاته في الفِعل (التصفيق ) لا يلوي على شيء،، سواء أكان ذاك الفعل خطأً أو صواباً، سلباً أو إيجاباً.. وقطعاً ليس من المعاني القريبة، أن يكون المقصود ب (الدِّنقيرْ)، ذاك الحياء الذي افتقدناه زماناً، في بلادٍ جاء ترتيبها في ذيل مؤشر الشفافية، الخاص بالدول الأكثر فساداً في العالم، وعلى ذِكر المغنواتيّة مِن كورسْ وصفّاقين ، يُحكى أنّ فردة كورَسْ ( صفّاق ) من الزّمن الجميل، كان يجتهد في الصفيق.. يجتهد حتى يتصبب عرقاً..الجّماعة (الجّمجارين) بتعطيش الجيم، قالو ليهو:(آآ زول، فوق كم مارِق روحك..الشيء دا غُنا ساكِت يشيلو الهوا)..! زولك في حالتو ديك، يصفِّق وعرقو كابّي، ردّعليهم قائلاً:(هووي يا عوينْ، أختوني غادي غادي..الزول لمّا يمسك ليهو شُغُلْ، أحسن ينجِّضو( ..! مثل هذا الهميم، لا يعنيه مصطلحنا هذا في شيء، كما لا تسري مفهومية الصّفقة، على الحسناء وحيائها التاريخي، عندما كانت تمشي )مُدنقِرة(، وكأنها تبحث عن شيء مفقود.(الصّفْقة دِنْقيرْ) قد تعني الحياء.. جايز برضو،، وقد يكون معناها، أن فُلاناً (مُندرِش) أو(واقِع بي تُقْلُو) في الموضوع دون أن يفهم فيه صرفاً ولا عدلاً .. كما قد يفيد المصطلح معنى الطأطأة ،أو (الإنحناء للعاصفة)، بمثل ما قد يفيد، إضمار المُكايدة ..وقد يعني أيضاً، الجُرأة و اللّامبالاة والانغماس الطروب، دون وازع من وقار، ودون وجل من حسيب أو رقيب. عندما يقال إن فلاناً (سَاوّي الصّفْقة دِنْقير)، فقد يكون المقصود بذلك أنه(غَتيت)، أو أنه أديب أريب، كلّو جايز..! قولهم:(الصّفْقة دِنْقيرْ)كأنه حِكمة، أو مثل شعبي، يتداوله سكّان الوسط النيلي، مِن كلول، حتى كَدَكول، للتدليل على الأشياء المتناقضة. هو قول مأثور، يحمل ظلالاً وإيحاءات، لسنا بقادرين عليها في مثل هذا الجو المتقلِّب، كما أنّه من المستحيل علينا، مجاراة) ناس قفا البحر (، في ) المنطِقْ( والمُكاتلة بالكلام.. ولمقاربة أكثر وضوحاً، فإن وضعيّة )الصّفْقة دِنْقيرْ(، تتماهى مع الزّول ال (جِلدو حُلو).. زول الباردة، وسيد الجّاهزة، الذي لا يساكِك أنبوبة غاز، ولا يقيف في صف العيش، ولم يجرِّب دقّ العيش،، ولايقدر على شيء مما تكسبه العامة من يومها المرهِق التّعيس.. هذا نصّ يتماشى مع من لم (يبوِّغ) للصيفي، ولم يقرع الموية في الشتاء، ولا يعرف خدمة الطّين، وكل ما يلقى ليهو كوم حريم،) ينزِلْ مُعرِّجْ(، ومع ذلك يأتيه رزقه رغَدا..! هذا غيض من فيض..هذا شبيه بالسياسات المُتّبَعة.. هذا ما برعت فيه بعض الشخصيات، دون تخصيص، أو خوض في التفاصيل..!