عقارب الساعة تشير إلى الثامنة صباحاً، حيث تطاولت صفوف المغادرين أمام مبنى القنصلية المصرية بشارع الجمهورية في الخرطوم، اقتربت منهم واستقبلتني نظرة الاستياء بأعينهم لأعلم أن العديد منهم يضطرون للمبيت لحجز موقع في صفوف التأشيرة لصبيحة اليوم التالي، وتفتح النافذة في الثامنة صباحاً لتستمر ساعة فقط، وفي بعض الأحيان بضع دقائق لا تتعدى ال(15) دقيقة، قبل إغلاقها في وجه الممنين أنفسهم بالتوجه لقاهرة المعز، شكاوى كثيرة يدفع بها المسافرون لكنها لا تجد أذناً صاغية حسب ما ورد على لسان عدد من الطالبين للتأشيرة، والذين أفادوا بأن ضيق وقت التقديم مقارنة بالكم الهائل من المتعاملين مع السفارة، أجبرهم على المكوث ثلاث ليالٍ، وأشار أحدهم إلى أنه وقبل أن يكمل تنقله بين الصفوف عرض عليه شاب سوداني الجنسية في العقد الثالث من عمره، تقديم المساعدة في كافة الإجراءات المتعلقة بالتأشيرة مقابل دفع مبلغ (750) جنيهاً، وكعادة السودانيين بدأت بمحاججته في المبلغ المطلوب، ليفيدني بأنهم كانوا يقومون بذلك مقابل (2) ألف جنيه الأسبوع الماضي، ووصل معي إلى أن أدفع (250) جنيهاً وأن أعاود بعد أسبوع لتسلمها، وبرر الغرض من دفع هذا المبلغ تحفيزهم لاستخراجها في أسرع وقت، وقلت في نفسي لماذا كل هذا والتأشيرة مجانية؟ وقبل مغادرتي أحزنني موقف آخرين بينهم مرضى أكل الدهر من أجسادهم وطلاب تخصم الأيام من دراستهم، وفك حيرتهم مرهون بأولئك السماسرة الذين غزوا كثيراً من المؤسسات الخدمية مستغلين حاجة المغلوبين على أمرهم.