لانشك ولا نشكك في وطنية السيد وجدي ميرغني محجوب والذي نكن له كل الإحترام والتقدير، ونحمد له دخوله بقوة كمستثمر وطني في مجال الإعلام، لكن فات على الأخ وجدي أن الاستثمار في الإعلام ليس كالاستثمار في غيره، لأن الإعلام هو عنوان الشعوب، وهو خط الدفاع الأول لهجمات الثقافات الوافدة التي تشكل أكبر المخاطر والمهددات لهوية أي بلد، وكم من بلد ضاعت هويته لأن إعلامه إنجرف وراء تلك الهجمات وفشل في صدها. كنت أتمنى حقيقة من الأخ وجدي صاحب النصيب الأكبر في قناة النيل الأزرق ومثلها في قناة سودانية 24 أن يولي استثماراته الإعلامية إهتمامه مثل الذي يوليه لإستثماراته الأخرى، لأن القناتين هما الأكثر مشاهدة وتأثيراً على المجتمع، لذلك كان استغرابنا أن يكون مسؤول البرامج الأول في قناة النيل الأزرق حديث تجربة وعهد بإدارة البرامج، ولن نبالغ إن قلنا أنه لا يفرق بين إسحق الحلنقي وإسحق أحمد فضل الله، ولا معرفة تعينه بالوسط الإبداعي عموماً، لذلك كان من الطبيعي أن تظهر عبر الشاشة الزرقاء مغنيات يبدعن في هز الأكتاف والتغني بلغة العيون، ومذيعات يتفنن في كل ألوان التجميل وعروض الأزياء وعدسات العيون الملونة، فباتت قناة النيل الأزرق تعتدي بشكل مباشر أو غير مباشر على كثير من القيم السودانية السمحاء. أما سودانية التي استبشرنا بها خيراً، فوالله لنعجب في إحدى برامجها والقهوة توزع على ضيوفه على الطريقة الخليجية، وكأننا شعب بلا هوية ومجرد (مقلداتية) حتى في توزيع القهوة، هذا غير أن القناة التي قيل أنها اقتصادية إتجهت لبرامج المنوعات، وأصبحت تتهافت على مذيعات القنوات الأخرى المتخصصات في هذا المجال، ومنهن مذيعات قناة النيل الأزرق، وهو ما نعتبره حياداً عن طريق القناة ومحاولة تدمير للقناة الأخرى، الشيء الذي يمكن أن نصبح فيه فلا نجد قناة النيل الأزرق ولا حتى قناة سودانية. لا أظن أن الأخ وجدي ميرغني محجوب يحتاج مني أن أذكره كيف كانت قناة النيل الأزرق قبل أن يدخل شريكاً بها، وكيف أصبحت الآن بعد شراكته، ولا أظنه يحتاج مني أيضا أن أحدثه عن بعض المشاكل الإدارية بها، والتي عجلت برحيل خيرة أهل الخبرة والمعرفة بها، ليبقى حديثو التجربة ومن لا صلة لهم بإدارة البرامج، وحتى لا يقول أحد إنني أحارب مدير البرامج الحالي عمار شيلا، أقول إنه لا سبب يجعلنا نحارب الرجل، ولكن المصلحة العليا تجعلنا نجهر بالحقيقة، ونقول إن الطريق ما زال طويلاَ أمامه حتى يضحى مديراً للبرامج، وفي قناة باسم ومكانة وتأثير (النيل الأزرق). خلاصة الشوف قصدنا من هذه السلسلة أن نلفت نظر الأخ وجدي ميرغني لقناتيه، وأن نوضح له بعض ما نظنه خافيا عليه ، حتى يدرك أن الإستثمار في الإعلام وعلاقته بالهوية لا يقل أهمية عن الإستثمار في الذرة التي تمثل إقتصاد بلد ، فلا نريده أن يبني من جهة ويهدم غيره عن جهل من جهة أخرى ، ونريده أن يعلم لماذا غادرت خيرة كوادر قناته وبقيت من هي في مرحلة تمهيدي الإعلام .. ونواصل إن بقي في العمر بقية .