الأخ الشقيق باقان لك مني كل التحية والتجلة أينما كنت سواءً في ربوع جنوب وطننا الحبيب أو خارجه، هذه رسالة من شقيق وحدوي المنشأ واتحادي التوجه، رسالة من أحد أشقائك في الحزب الاتحادي الديمقراطي، وأحد شركائك في الوطن القديم المتجدد السودان بكل ما يحمله هذا الاسم من عبق فواح، عطرته الدماء عبر مسيرة لا تقل عن سبعة آلاف سنة، رسالة من أخ لك وأنت ابن قبيلة الشلك النيلية الأصيلة والمؤصلة، شقيق لك جاءك يسعى من أقاصي الشمال حيث التاريخ والتراث والنيل، وبالتحديد من منطقة السكوت جنوب مدينة (عبري)، حيث يقطن أصحاب الجذور المنتمية لشعب النوبة، فلا أنت يا أخي الشقيق باقان تسعد أو تستطيع أن تنفي عني شرف الانتماء الجذري لهذه الأرض الطيبة (أرض السودان الحبيب) ولا أنا كذلك، جئتك أخي من حيث باسقات النخيل تحف وتظلل شواطئ نيلنا الخالد الممتد من نمولي إلى وادي حلفا، وكلانا ابن قبيلة نيلية. أخي الشقيق باقان كثيراً ما كنت أتابع منذ اتفاق نيفاشا وبروز اسمك في سماء السياسة السودانية تصريحاتك، التي أقل ما يمكن أن توصف به أنها تصريحات (نارية)، تستمد لهيبها من حرارة الطقس وسخونة الأوضاع غير المستقرة ومنذ أمد ليس بقريب ، بيد أنني لم أتعجب يوماً ما لهذه التصريحات ولم استهجنها إطلاقاً، فقد كنت أحس من خلالها حجم المعاناة والضيم الذي عاشه أشقاؤنا في جنوب الوطن الحبيب، وذلك في ظل التغيير الدائم وعدم استقرار الأوضاع السياسية منذ الاستقلال.. نعم أخي الشقيق هناك معاناة يكابدها أشقاؤنا في الجنوب بل هناك غياب شبه مستمر للتنمية بمختلف مشاربها ومضاربها، ولكنك في بعض تصريحاتك كنت تنساني وأنا شقيقك- كما أسلفت- وشريكك في الوطن، فدعني أقف هنا لأسألك هل من العدل أن تطلب التنمية وقسمة الثروة والسلطة لأبناء الجنوب فقط وتنسى شقيقك ابن النوبة الذي يعيش في أقاصي الشمال؟. أخي باقان إن الحديث عن المناطق المهمشة في الجنوب وفي الانقسنا وما جاورها وجبال النوبة كثيراً ما يبكيني ويؤلمني بل يغض مضجعي باستمرار، استحلفك بالخالق هل وجدت في خارطة المليون ميل مربع شعباً عانى مرارة التهميش أكثر من شعوب النوبة في الشمال وشعوب البجة في الشرق؟ السودان كله على مر الأزمان يعاني مرارة التهميش إلا في العاصمة وما جاورها. هل يعلم الشقيق باقان أن الكثير من الأمراض المستوطنة بسبب التخلف الحضاري والغذائي، كالدرن، وفقر الدم، والجلكوما، وسوء التغذية هي من السمات والقسمات المصاحبة للنوبة وغيرها في الشمال والبجة وغيرها في الشرق. أخي باقان إن المعاناة التي نعايشها ونكابدها سوياً إذا ما نظرنا اليها بكل تجرد تدفع بنا لأن نتوحد من أجل مصارعتها وصرعها والقضاء عليها. أخي باقان أتقدم اليك بالدعوة للقدوم ومعايشة واقعنا على الطبيعية في أي قرية من قرى أقاصي الشمال، والمكوث بيننا لمدة أسبوع واحد، وبعدها يحق لك أن تقرر بعد أن ترى وتعايش حجم المعاناة والتهميش والظلم والإجحاف الذي نعيشه ونعايشه، وبعدها يمكن أن تقرر هل يحق لنا أن نحيا في وطن واحد متحد نؤازر بعضنا بعضاً، نشمر فيه سواعدنا لإعادة بنائه على أسس جديدة، أو أن ننفصل ونتمزق ونذهب أدراج الرياح.. لك أن تقرر وقتها كم سيدفع الجنوب والشمال ثمناً للفرقة والتمزق والانفصال.. لك أن تقرر وقتها قيمة الفاتورة التي سيدفعها أبناء النيل في الجنوب والشمال، وهل يحق لك ولنا أن ندفع بشعوبنا إلى مصير مجهول ومستقبل مظلم، لن ننساه ما عشنا وبقيت عروقنا تنبض بالحياة.. أخي باقان ما تعلمناه في مدارسنا ونحن أطفال صغار يفع لا نملك من الدنيا سوى الإلفة والمحبة: أنت سوداني وسوداني أنا ضمنا الوادي فمن يفصلنا قل معي لا عاش من يفصلنا منقو قل لا عاش من يفصلنا هاهو النيل الذي أرضعنا وسقى الوادي بكاسات المنى فسعدنا ونعمنا هاهنا وشربنا الود عهداً بيننا منقو لا عاش من يفصلنا قل معي لا عاش من يفصلنا من أخيك الشقيق د.سعيد بريس الحزب الاتحادي الديمقراطي