٭معجمياً، "النظر والبصر" مترادفان.. ترادفاً يغطي الكثير من التصريفات المتصلة بالأسماء والصفات و الأفعال المشتقة عنهما.. ولكن اللافت في الحالتين هو الترابط الوثيق بين النظر/البصر (كأداة) وبين عمل العقل كمُوجه ومُنتج وقائد لأفعال البشر.. فالبصر يعني (العين) ويعني (قوة الإبصار وقوة الإدارك) في آن معاً.. لكنه في اشتقاق آخر هو "البصير" يصبح بعض أسماء الله الحسنى، بينما تطلق العرب على الأعمى كنية "البصير" ، ربما تلطفا وتخفيفاً على من فقد هذه النعمة فينعتونه بالبصير ويقصدون أنه كفيف.. ومن التصاريف المهمة للبصر (البصيرة) وتعني قوة الإدارك والفطنة والعلم والخبرة. ٭و(النظر) هو الإبصار والتأمل بالعين، لكنه يصبح تدبراً وتفكيراً عندما يضاف إليه حرف "في".. فيقال نظر في الكتاب أو نظر في الأمر أو القضية، أي أعمل فكره فيه أو فيها.. ويتحول في تصريف آخر إلى معنى "الانتظار أو التأخير" مثل قوله "إن غداً لناظره قريب" أي لمنتظره.. وكما ورد في الذكر الحكيم "قال ربي فانظرني إلى يوم يبعثون"، ويعني في اشقاقات أخرى الجدل أو الحوار الذي يسمى "المناظرة" وفي بعضها التماثل في المرتبة أو الهيئة أو الوظيفة، بحيث تقول فلانٌ (نَاظَرَ فلاناً)، أو قولك (الوزير التقى نظيره) أي رصيفه من بلد آخر. ٭الحديث عن البصر والنظر واشتقاقاتهما يطول.. لكن ما همنا في كل هذا هو الارتباط والاتصال الوثيق بين (النظر/ البصر/ العين) والعقل، والخدمة التي لا غنى عنها يقدمها البصر عبر شبكة عضوية/عصبية تصل بين المرئيات وخلايا الدماغ المليونية في سرعة فائقة .. شبكة تُعقلن، بمعنى تفهم وتتصرف وتتخذ القرارات التي تصدر عن ما نسميه بالفعل "العاقل" أو رد الفعل "المعقول". ٭أراني سرحت قليلاً في الشرح والتعريف (في ما) يكاد أن يكون معلوماً بالضرورة ... ولكنها " لحظة تأمل" أملتها عليّ "عملية العيون" التي خضعت لها خلال الأسابيع القليلة الماضية.. حيث شعرت على نحو عملي بقيمة البصر عندما تتهدده العلة أو يتعرض لإمكانية الضعف، أو الزوال حمانا وحماكم الله. ٭العملية في حد ذاتها لا تستغرق.. بالأجهزة الحديثة والنظم المتطورة سوى وقت يسير.. أقل من نصف ساعة، كما سبقت الإشارة.. لكن العلة والعنت يكمنان في تداعياتها ومترتباتها والإرشادات والتوجيهات التي عليك الالتزام بها خلال الأسابيع التي تليها، من الحافظ على العين من أن يمسها الماء أثناء الحمام أو الوضوء أو التعرض للإضاءة القوية أوالشمس ٭ وعدم حمل الأثقال أو الركوع للصلاة.. محددات كثيرة ونصائح عليك الالتزام بها التزاماً صارماً حتى لا تتعرض العين للالتهاب والانتكاس الذي لا تحمد عقباه.. فتجد نفسك تعيش وسط عتمة مفروضة. ٭حرمني ذلك الواقع المستجد من أهم هواياتي وأحبها إلى نفسي وهي: المطالعة ومشاهدة البرامج التلفزيونية بخاصة.. فتحايلت على الأمر بأن حولت القنوات التلفزيونية إلى الراديو في ذات الجهاز وكان عليّ أن استعيض بالسمع عن البصر.. ثم تدرجت بعد الأسبوعين الأولين إلى المشاهده عبر النظارة السوداء لأوقات محدودة، كسراً للحصار الذي ظل يضربه علىّ أفراد الأسرة، الأمر الذي رأيت فيه مبالغة وخوفاً زائداً... فقاومته بعناد، وكان مرور كل يوم لصالح ما أريد، وهو العودة لممارسة هواياتي القديمة.. وكان النصر حليفي في خاتمة المطاف.. فالحمدلله. ٭هذا بعض ما كان من شأني وخاصة نفسي مع "العملية".. لكن الأهم من ذلك أن التجربة فتحت عينَيّ قبل وبعد أن كتب لهما الشفاء- على الدور الطليعي والرائد الذي تلعبه "مؤسسة البصر الخيرية العالمية" ومشافيها على مستوى قارتي آسيا وأفريقيا وفي بلادنا على وجه الخصوص.. وهذا ما سنقف عليه في ما يلي من هذه الإضاءة إن شاء الله. يتبع