بالتأكيد نقصد من هذا العنوان الساحة الفنية، وما آلت إليه من الفوضى للدرجة التي أصبح فيها الغناء مهنة من لا مهنة له.. وكل رأسمال المغني أو المغنية هو حفظ أي كلام وعازف اورغن بارع. نعلم أن ما نقوله هو معلوم ومحفوظ للجميع.. لكنا نعيده عند كل مناسبة نفتقد فيها الغناء الرصين والفنان الأمين على رسالته. بالأمس عاشت بلادنا يوماً من أيام الوطن الجميلة وهي تستشرف عهداً جديداً.. لا يعرف في الحوار لغة.. عهداً يتحول فيه البارود الي ورود.. وغمامة الاختلاف والملام الى حمامة سلام.. فتوقعنا أن يكون الفن حاضراً ليغني لهذه المناسبة العظيمة، ويبشر بقادم الأيام ويروج لهذا الحوار الوطني كما ينبغي، حتى تتعلم منه الشعوب الأخرى. الذي حدث سادتي.. هو خيبة توقعاتنا في الفن والفنانين، وهم يسجلون غياباً تاماً عن المناسبة الوطنية العظيمة التي كانت تستحق منهم أن يغنوا لها ويقدموا الجديد، نقول ذلك ونحن لا نستثني أحداً.. لا من الكبار ولا حتى الصغار.. لأنه من المؤسف حقاً ألا تجد أجهزتنا الإعلامية أغنيات وطنية جديدة تقدمها.. فاجترت كما تجتر في كل مناسبة وطنية أغنيات الرواد.. ميرغني المأمون وأحمد حسن جمعة، وغيرهما من الراحلين.. عليهم رحمة الله. لا نريد أن نقول إن أهل الفن عندنا يفتقدون الحس الوطني.. لكن الواضح أن اهتمامهم بالمناسبات الأخرى هو أكثر من الاهتمام بأي مناسبة وطنية.. والدليل أن كثيرين منهم يحرصون على تقديم الجديد في مناسبات الأعياد، وحتى مناسبات البدع التي فرضت على مجتمعنا مثل رأس السنة، وما يسمى بأعياد الحب والأم والأب وغيرها. هل يا ترى أن الأمر يعود الى ما تعود به حفلات تلك المناسبات من ملايين الجنيهات.. مقارنة بالغناء في المناسبات الوطنية الذي لا يعود ولو بمليم واحد.. لكن إذا سلمنا جدلاً بأن هذا هو السبب فإننا وبكل الأسف نقول إن على الفن السوداني السلام. ونقولها بكل صراحة إن أي فنان هذا هو فهمه.. لا يستحق الاحترام.. فالفن هو في المقام الأول رسالة إنسانية عظيمة مع اقرارنا التام بأنه.. أكل عيش.. وأكل العيش لا يمنع من آداء الرسالة. نعلم أن كثيرين لن يرضيهم هذا الحديث.. ونحن أيضاً لم يرضنا غيابهم وغياب الوطن في أغنياتها. على جميع الفنانين أن يخجلوا وقنواتنا الفضائية، وإذاعتنا لا تجد ما تبثه من أغنيات وطنية جديدة بمناسبة الحوار الوطني وغيره من مناسبات الوطن.. فتستنجد بمكتباتها الصوتية لتقدم أغنيات الرواد. خلاصة الشوف: نتمنى أن يفهم فنانو اليوم أن رواد الغناء إن لم يغنوا للوطن لما تذكرهم أحد.. بالفنان الذي يتمتع بقليل من الذكاء الفني عليه أن يغني للوطن حتى تتذكره الأجيال القادمة، مثل ما نتذكر نحن الآن الشفيع ووردي وغيرهما.