يخشى البحارة وقباطنة السفن والبواخر الضخمة ما يظهر لهم من رؤوس ثلجية في البحار والمحيطات خلال فصل الشتاء، ويسمون تلك الكتل الجليدية التي يرونها باسم «رأس جبل الجليد» إذ يعتقدون أن الذي ظهر أمامهم هو قمة الجبل ورأسه بحيث يكون ما خُفي - دائماً - أعظم مما ظهر. بالأمس راجت أحاديث كثيرة في الخرطوم وبرزت تكهنات واستنتاجات حول دواعي ونتائج القمة الرباعية التي ضمّت فخامة المشير عمر حسن أحمد البشير رئيس الجمهورية مع أشقائه فخامة الرئيس محمد حسني مبارك، رئيس جمهورية مصر العربية وفخامة العقيد مُعمر القذافي قائد ثورة الفاتح من سبتمبر التاريخية وفخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وضمت إلى جانبهم الفريق أول سلفا كير ميارديت، النائب الأول لرئيس الجمهورية رئيس حكومة الجنوب. راجت أحاديث كثيرة، وباضت طيور الشائعات وأفرخت، إذ ساعد على ذلك ما لفّ الاجتماعات من سرية تامة، ثم تغييب الإعلام عن الصورة والحدث، والعمل على إبعاد الصحافة والإعلام عن مواقع الحدث المهم، وهو تغييب مقصود وإبعاد متعمد، إذ لم تتم دعوة الصحافة لتكون شاهدة على الحدث، ولم يُسمح لأجهزة الإعلام الرسمية إلا بالتقاط الصور، وانتظار البيانات الرسمية. اجتهد المراقبون والصحفيون وأهل الرأي في تفسير مغزى وتوقيت القمة، وربط البعض بينها وبين ما راج من أنباء حول دعوة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، لرؤساء دول الجوار السوداني للتدخّل والسعي بين طرفي اتّفاقية السلام الشامل بألا تحدث مواجهة محتملة عقب ظهور نتيجة الاستفتاء.. وتحدّث البعض عن صفقة يحمل ملامحها أصحاب الفخامة الذين شاركوا في القمة تضمن عدداً من التنازلات ليستمر السودان واحداً موحداً.. وقال آخرون إن تحركات رئيس الحركة الشعبية رئيس حكومة جنوب السودان وعلاقاته الخارجية كانت سبباً في الدعوة لانعقاد هذه القمة حتى يتم بعدها تأجيل الاستفتاء، وهو ما لا يستطيع أن يُطالب به علانية في ظل تعبئة ضخمة وعاتية هيأت أبناء الجنوب للحدث في موعده. القمة كانت رأس جبل الجليد حتى بعد أن انتهت اجتماعاتها وظل البعض يسعى لمعرفة الخفايا والأسرار، واجتهد البعض ليغوص إلى ما تحت رأس جبل الجليد قناعة منهم بأن ما خُفي أعظم. وقبل أن تغرب شمس يوم أمس انكشف ما تحت رأس جبل الجليد، فقد صدر بيان ختامي عن القمة، حدد النقاط والقضايا التي تمت مناقشتها وتداول الآراء حولها مع نتائج القمة. ليصمت بعد ذلك كل من حاول أن يجتهد في الدواعي والأسباب والنتائج.