يتعاقب الليل والنهار والأيام والشهور..وعام ميلادي جديد يطل في حياتنا وقبله بأيام بدأنا عاماً هجرياً جديداً..وحسابات السنة القمرية والشمسية تتواصل مع دوران الشمس ودوران القمر..كلاهما يدور في اتجاه.. والتهنئة موصولة لكل أخواننا المسيحيين في مشارق الارض ومغاربها وهم يحتلفون بأعياد الميلاد وبرأس السنة الميلادية الجديدة.. وفي ليلة رأس الميلادية يحتفل العالم كله بإطلالتها المثيرة...حيث تتابع الفضائيات مولد الثانية الأولى من الساعة الثانية عشرة منتصف الليل من أقصى نقطة في شرق الدنيا إلى اقصى نقطة في غربها بتتابع مثير، ويكون للاحتفالات شكل وطعم مختلف عن تلك الاحتفالات في أقصى الغرب.. رغم أن لأهل الشرق تقويمهم المختلف تماماً إلا أنهم يحتفلون بالكريسماس- في الخامس والعشرين من ديسمبر من كل عام- على طريقة الغربيين تماماً، شجرة الميلاد وبابا نويل.. والديك الرومي الذي يسمى عندهم الديك التركي..ثم دخلت عليها الحفلات الصاخبة حتى الصباح لتعلن نهاية العام وانصرامه وميلاد يوم جديد في العام الجديد.. ولا غرابة أن تجد بابا نويل بزيه المميز ولحيته البيضاء الكثة في أقاصي اليابان، وفي الصين، وكوريا، وفيتنام، والفلبين، وحتى في اندونيسيا وماليزيا، بل الآن تجد بابا نويل في عدد من مطاعم القاهرة ودبي وتونس.. وهو يدخل البهجة على الأطفال والأمهات بتوزيع الهدايا والحلوى على الصغار، ولكن كل ذلك يدخل من باب التجارة والكسب.. حيث يحتفل الناس حول العالم وتكسب شركات الطيران الهدايا والملابس والمهرجانات..وفي منتصف ديسمبر من كل عام وحين تقترب مراسم احتفالات الميلاد حول العالم،لا تجد مقعداً في طائرة أو باخرة أو قطار أو حافلة، وتلك مناسبة تجمع الأسر في الغرب وفي الشرق، ويعود الجندي المحارب في افغانستان أو العراق إلى أسرته وبلده، ويسافر الرؤساء والساسة والمشاهير من أهل الفن والرياضة إلى مواقع الجنود حيث كانوا.. زيارة لابد منها والديك الرومي هو الحدث الأهم في تلك المناسبة..كخروف عيد الأضحية، وإن لم يبادر رئيس أقوى دولة في العالم للاحتفال بالكريسماس في ليلة الخامس والعشرين من ديسمبر من كل عام حيث جنوده في افغانستان أو العراق، فربما انخفضت شعبيته وبار حزبه في سوق الانتخابات..! والبرد في هذه الأيام يكون له نكهته وطعمه ولا يعقل أن يكون الكريسماس في غير ليلة شتوية باردة والأسرة التأم شملها حول المدفأة في ليلة الميلاد، وكل فرد في العائلة جهز هديته التي يريدها أن تكون مفاجئة لمن يُحب..! الدنيا كلها مشغولة بعام جديد.. أجندة العام الجديد بالتقويم الميلادي في كل مكان حول العالم.. والدنيا كلها تحبس أنفاسها في انتظار اللحظة التي يختفى فيها عن الإنظار عام 2010 ويبدأ عام جديد يعول عليه الناس في كل مكان، أن يكون عاماً جميلاً تتحقق فيه الأمنيات الطيبات.. وقبل أيام قليلة مضت انقضى العام الهجري، وبدأنا عاماً هجرياً جديداً، ولكنه عام ينتهي على استحياء ويأتي على استحياء فلا يتذكره- كما يجب أن يكون التذكر- الإ نفر قليل من المسلمين حول العالم.. حسب البعض من شباب المسلمين أن العام الهجري كما هو حال العام الميلادي مرتبط بميلاد المسيح.. فلاحظت على شريط شاشة تلفاز إحدى قنواتنا المحلية تهنئة بالعيد الهجري تبدأ بقصيدة أحمد شوقي..ولد الهدى فالكائنات ضياء..وفم الزمان تبسم وثناء.. فعرفت أن هناك خلطاً بيناً وواضحاً لدى بعض شبابنا.. ومعلوم لدى الغالبية من المسلمين أن العام الهجري مرتبط بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينةالمنورة، وقد أمر أمير المومنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن تكون هجرة النبي هي تقويم المسلمين، وأن يكون غرة محرم هو أول يوم في السنة الهجرية الجديدة، رغم أن هجرة النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم تمت في ربيع الأول كما أشار إلى ذلك بعض المؤرخين.. وبالطبع لا علاقة ولا رابط بين ما يحدث في ليلة رأس السنة الميلادية برأس السنة الهجرية، والفرق بينهما بون شاسع كالمسافة من الأرض إلى القمر والشمس، لقد ظلت السنة الهجرية هي بداية عام للمسلمين، به يبدأون مسيرتهم التعبدية لله تعالى إصلاحاً وفلاحاً وحرثاً للدار الآخرة.. مع إعمار الأرض والضرب فيها كسباً للرزق والمعيشة..ولكن غيبنا نحن السنة الهجرية والتقويم الهجري من حياتنا، فأصبحنا لا نعرف شيئاً عن تاريخنا الحافل بجلائل الأعمال.. لقد أوشك شهر محرم أول شهور العام على أن يغادر إلى غير رجعة.. أوشك فجر يناير وأول العام الميلادي الجديد على الظهور لنبدأ مسيرة عام ميلادي جديد، ونسأل الله تعالى أن تكون الأيام القادمات أحلى وأنضر وأبهى، رغم كل ما يكتنف حياتنا من مكابدة يومية لا تنتهي، ورغم ما يظلل سماء حياتنا الدنيا من غيوم نخشى أن تكون شراً وبيلاً على البلاد والعباد.. إن نذر الفتن لتبدو ظاهرة للعيان.. والمخاوف تزداد من محاولات قوى الشر والبغي والعدوان التي لا تيأس من محاربة دولنا وشعوبنا وتريد أن تجعلنا أذلة تحت أقدامها، وتستأثر بخيراتنا وثرواتنا.. ولكن يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.. وينفقون أموالاً بلا حصر،ثم تكون عليهم حسرة إلى يوم الدين.