ü لو كنت مكان الرئيس التونسي المخلوع «من الخُلعة» لقلت في خطابي الأخير «إنني أدعو لانتخابات مبكرة لن أكون مرشحاً فيها.. ثمَّ أُقيل الحكومة القائمة وأقوم بتشكيل حكومة مُصغرة مؤقتة من شخصيات قومية محايدة لم تشترك في الحكومات السابقة.. ولم تتورط في تهم الفساد وكبت الحريات والتعذيب والقتل. وأحدد لذلك أجلاً لا يتجاوز نهاية العام الحالي لتتمكن جميع الأحزاب المحظورة والمسموح بها من إعداد نفسها لخوض الانتخابات مع إشاعة جو من الحريات العامة وتقييد حركة أموال المحاسيب وضبط أداء الأمن العام بما يتوافق مع الإجراءات الصادرة من الحكومة الانتقالية المؤقتة وفتح الأجواء أمام الإعلام المحلي والعالمي.. لكان ذلك خيراً من هذا الفرار القبيح.. والقفز من على ظهر المركب المشرف على الغرق فما كان للربان أن ينجو بنفسه قبل أن يطمئن على جميع من فيه ولئن يلاقي الربان حتفه غرقاً في سفينته أكرم له ألف مرة من الهرب المُخزي!! ولكن «المكتولة ما بتسمع الصايحه» ولم يجد زين «من يُغني له» «الجري ده ما حقي.. حقي القنبلة والمدفع أب ثكلي» يحكي د. الطيب سيخه أنّهم عندما كانوا في اتحاد طلاب جامعة الخرطوم الذي حظرته مايو وأغلقت الجامعة وجاءت باتحاد موالٍ لها.. أقام المايويون حفلاً أحياه «كمال ترباس» وعندما غنى «يا أخوان البنات الجري ده ما حقي» قطع الطلبة الإسلاميون الكهرباء عن المسرح وقذفوا ببعض الكراسي «فجرى» رواد المسرح يسبقهم ترباس!! يضحك د. الطيّب حتى تدمع عيناه ويُرسل تحياته للأستاذ ترباس.. ü لم يركب «زين» التونسية وهي مصطلح يُطلق على كل من خرج ولم يعد.. ومع إننا لم نسمع بسقوط «طائرة تونسية» لكن إن قيل لك إن فلاناً ركب التونسية فمعنى ذلك أنه خرج من المنافسة أو من الحياة كلها.. ربما لدقة مواعيد التونسية وحداثة أسطولها.. «مسؤولين من الخير أين سودان طير؟» «زين» كما يحلو للعقيد القذافي «المتألم» لذهابه كما قال وقد نعى على التوانسة قلة صبرهم فلو صبروا عليه ثلاث سنوات أخرى لكان خيراً لهم بدلاً من استبدال رئيس برئيس.. زين ركب أربع مروحيات حملته إلى قبرص وتوجَّه منها شمالاً.. بعدما اعتذرت قبرص عن استضافته.. فأعلن ساركوزي صديقه عن عدم استعداده للقبول به على الأراضي الفرنسية والتي تحتضن أكثر من نصف مليون تونسي فروا من «بطش زين».. وزاد ساركوزي عن أن «أقارب زين» غير مُرحب بهم في فرنسا ولا بأموالهم في مصارفها!! وهذا ما يعني اصطلاحاً «ركوبه التونسية».. ولا نعرف «لزين» اهتماماً أدبياً أو ثقافياً لكنه لابد أن يكون قد قرأ قصيدة مواطنه الشاعر أبو القاسم الشابي.. إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر.. ولابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر.. ولابد أنّه كذلك قد نسي هذه الحكمة «فإن من الشعر لحكمة» كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلّم. ü زين المولود في عام 1936م في مدينة حمام سوسة وسط عائلة فقيرة فقد كان أبوه خفيراً في ميناء سوسة.. التحق بالجيش وهو فوق العشرين بعامين ونال تدريباً رفيعاً في فرنسا مدرسة سانت سير العسكرية وعاد بعد أربعة أعوام 1964م مديراً للأمن الوطني وملحقاً عسكرياً بعد ذلك في المغرب وأسبانيا وسفيراً لبلاده في بولندا ووزيراً للداخلية عام 1984م ورئيساً للوزراء عام 1987م وما لبث في منصبه الرفيع إلا قليلاً حتى أزاح الرئيس الحبيب بورقيبة في 7/11/1987م وتولى السلطة وأصبح الرئيس الثاني لتونس واستهل عهده بإصلاحات كبرى في الاقتصاد والسياسة وقاد انفتاحاً مقدراً على أوربا قاده إلى توقيع اتّفاق شراكة وتبادل تجاري حر مع أوربا.. وهذا ما لم يتسن لكل الدول العربية.. ومع ذلك قال لشعبه في خطابه الأخير «الآن قد فهمت.. فهمتكم!!» لا ياشيخ خمسين سنة خدمة نصفها رئيس للدولة ويادوب فهمت؟!.. ثم اتّهم أعوانه بتضليلهم إياه وقال إنهم سيحاسبون!! فرد عليه الشيخ راشد الغنوشي من منفاه ببريطانيا «من يحاسب من؟» ولكن فِتِّشْ عن المرأة.. فسيدة تونس الأولى ليلى الطرابلسي الزوجة الثانية «لزين» والتي بدأت حياتها عاملة كوافير وتعرّفت على «زين» وقت أن كان مديراً للأمن الوطني لاستعادة جواز سفرها المُصادر فتزوجها وأنجبت له ولده الوحيد وبنتين وله من زوجته الأولى نعيمة ثلاث بنات.. وسرعان ما بسطت سيطرتها على مفاصل الدولة واقتصادها وارتبط الفساد والمحسوبية باسمها واسم أسرتها وأصبحت الحاكم الفعلي تُقرّب من تشاء وتُقصي من تشاء وتستولي على ما تشاء من المال العام وبذا فقد نالت أكبر نصيب من السخط الشعبي الذي فجَّره إحراق محمد بوعزيزي لنفسه ومن المُفارقات أنه كان يعمل بائعاً متجولاً للخضر والفاكهة مثل والد ليلى الطرابلسي.. فطاردته «الكشَّة» وصفعته شرطية وصادرت عربته اليدوية فثار لكرامته وأضرم النّار في نفسه وتوفي بعد أسبوعين متأثراً بجراحه.. وقد أضرم النار في تونس كلها حتى لاذ «زين» بالفرار. ü اتّصل بي الأستاذ هاشم عبد الرحمن المحامي «ابن خالتي» وهو من قرائي الكرام قائلاً «ما في مشكلة في الغلاء.. ولا في الندرة فهذه أشياء تعلو وتهبط حسب العرض والطلب منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها.. لكن المشكلة الحقيقية في توفير «الكرامة الإنسانية» لا تسقني ماء الحياة بذلةٍ بل فاسقني بالعز كأس الحنظل.. فحافظوا وأحفظوا كرامة الإنسان فسيتحمل معكم كل ألوان شظف العيش.. ويا هو ده السودان. ملحوظة «زين» هو الاسم الأول للرئيس التونسي المخلوع «علي زين العابدين بن علي» ولا علاقة له بأي شركة.. لذا لزم التنويه.. فشركات تونس تملكها عائلات الماطري والطرابلسي نسابة «زين» والنسب عين شمس.. وهذا هو المفروض،،