ü قد يبدو للوهلة الأولى أن كاتب العنوان غارق في أحلام اليقظة.. فالجنوب انفصل وانتهى فما هو المراد بحرف «إذا» والحقيقة أن العنوان منقول بتصرّف من الفصل السادس لكتاب الأستاذ عبد الله علي جاد الله - رؤية في نظام الحكم في السودان والمؤلف من مواليد المتمة حاصل على شهادة كمبردج وخريج مدرسة الإدارة العامة جامعة الخرطوم وحاصل على دبلوم الإدارة العامة والعلوم الاجتماعية من جامعة ويلز بالمملكة المتحدة وعمل محافظاً لمديرية أعالي النيل 1966 - 1970م ومديرية كسلا وخبيراً للأمم المتحدة بالصومال 71/1972م ووزيراً للإسكان والمرافق العامة بالإقليم الشمالي 81/1985م وأدار العديد من الصناديق والمعاهد والمنظمات الإقليمية والدولية وأصدر العديد من الأوراق والكتب.. ومنها هذا الكتاب الذي نحن بصدده وقد جاء في عشرة فصول الوحدة والانفصال «في العالم وأفريقيا والسودان» «الحكم الذاتي الإقليمي - بين الكونفدرالية والانفصال» الحكومة الفدرالية ماهي؟.. السودان حكومة فدرالية.. كيف؟ إذا انفصل الجنوب - حوار مطلوب.. الحكم المحلي.. الخدمة العامة.. النظام المحلي.. بديلاً للإدارة الأهلية.. خاتمة ودعوة. ü في الفصل الثالث «بين الكونفدرالية والانفصال» استعرض الكاتب في اختصار غير مخل مسيرة الحكم الاتحادي في تجربتها الراهنة وخلص إلى أن الولايات الشمالية تفتقر إلى المقومات الذاتية الأساسية إذ إنها تعتمد على المركز بما نسبته 75% وهذه النسبة تتأرجح صعوداً وهبوطاً.. حسب ما يقتضيه الحال في الخزانة الاتحادية.. أما مواردها الذاتية فتعاني من ضعف التحصيل وهي على شحّها يمتصها الفصل الأول مرتبات ومخصصات المناصب الدستورية والتي يبلغ تعدادها أربعمائة وستة وأربعين منصباً.. بينما كان عدد الدستوريين إبان الحكم الإقليمي عام 1980 واحد وأربعين منصباً فقط.. ولم يشأ الكاتب أن يخوض في عضوية المجالس التشريعية وإحصائها ولا في جيوش الموظفين والتنفيذيين و«التابعين»!! ويقول الأستاذ عبد الله إن فكرة الحكم الاتحادي فكرة صائبة وتطبيقها معوج في إنشائها ومقوماتها تعوزها القدرة والكفاءة ومتطلبات الحكومة الفدرالية - ويعتقد الكاتب أن التقسيم أسُس لأغراض سياسية لإرضاء «أهل الثقة من جهة» واستقطاب «الآخرين من جهة أخرى» للإرضاء ومضمون الولاء» ويستغرب الكاتب أن ولاية جنوب دارفور التي كانت مجلساً ريفياً.. تحت قانون الحكم المحلي.. تتجه الإجراءات نحو تحويلها إلى ثلاث ولايات «زالنجي.. الضعين.. نيالا».. ويحصر ويحصي الكاتب الدستوريين في الولايات الشمالية «16 وال» «137 وزير ولائي».. «206 معتمدين» «79 مستشاراً» وتسع مفوضين خمسة في غرب دارفور وأربعة في جنوبها.. يا للهول. ü وفي الفصل السادس يقول إذا انفصل الجنوب عن الشمال فكلاهما خاسر.. الجنوب سيفقد شطراً ارتبط به وتعرّف عليه عبر القرون في بيئة واحدة ونيل واحد يمثل لهما شريان الحياة. إذا انفصل الجنوب فهل سينسى أهله أننا ارتبطنا وجدانياً وكفاحياً في كراهية المستعمر. إذا انفصل الجنوب فلنتذكر أن مشاريع التنمية.. مشروع الزاندي.. مشروع ملوط.. وسُكر منقلا قامت بأموال دافع الضرائب الشمالي وتولى إدارتها شماليون أكفاء السراج محمد بخيت.. والجيلي حامد.. ولا يزال الشمال يدفع لمشاريع التنمية والبنيات التحتية. إذا انفصل الجنوب فلنتذكر أن أمنه واستقراره مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالشمال فما يهز الجنوب يهز الشمال ويهد أركانه والعكس صحيح.. فالأمن المشترك يوفر للجميع الطمأنينة شيء مطلوب. إذا انفصل الجنوب فلنتذكر أننا ورثنا نظام خدمة مدنية نموذجاً يحتذى يجمعنا ويربطنا ربطاً إدارياً ومهما يكن فبناء خدمة مدنية للجنوب دون مساهمة الشمال سيكون مكلفاً ويحتاج لوقت طويل وسيؤخر التنمية. وإذا انفصل الجنوب سيجعل حياة الجنوبيين المقيمين بالشمال «غير مريحة» وكذلك الحال للشماليين المقيمين بالجنوب وإذا انفصل الجنوب فلنتذكر أن لغة التفاهم فيما بينهم هي «العربية» التي ربطتنا معاً اجتماعياً وثقافياً واقتصادياً. واذا انفصل الجنوب التعليم «وحدها» ستكون إحدى المشاكل إذا تخلَّوا عن اللغة العربية وسط ثمانين لهجة محلية. وهكذا نجد أن الشطرين مرتبطين جغرافياً وإدارياً وثقافياً واجتماعياً وهذه حقائق محسوسة فإذا انفصل الجنوب فهو عائد إلى حظيرة الوطن الواحد في حكومة فدرالية تتمتع فيها الأقاليم بحكم ذاتي كامل الدسم تدير شؤونها وتحتفظ بخصوصيتها دون تدخّل المركز إلا فيما يعهد له به من سياسة خارجية ودفاع وثروة قومية. وهذا هو المفروض