هناك اكثر من ألف نادىاً ومركز ومنتدى ثقافى بالخرطوم بعض هذه المراكز ذات نشاط محدود وموسمي وقد يكون صفوياً وهى ذات النسبة العالية وأخرى لها نشاط مفتوح وراتب يؤمه عدد كبير من الرواد. العاصمة الخرطوم التى يزيد عدد سكانها عن السبعة مليون نسمة تحتاج الى آلاف المراكز التى تبث فى نفوس مواطنيها الأمل بالمستقبل والفرح بالحاضر يلاحظ أن المراكز والمنتديات الناشطة تركز على البرامج الترفيهية خاصة الغناء وهو من الأدوات التى تحدث التوازن النفسي وتخرج المرء من الضغوط اليومية وربما الهروب من مناطق التوتر والقلق إلا أن الترفيه المستمر والانغماس فيه قد يعجل باللامبالاة وعدم الإكتراث بالقضايا التى تحيط بالمجتمع وبالوطن خاصة وفى الجانب الآخر من الحياة امتلأت الفضاءات بآلاف المحطات التلفزيونية والموجات الاذاعية والتى اتجه غالبها الى البرامج الترفيهية والمعلومات المبتسرة مايسمى بال«infotainment» أى تلك البرامج التى تقدم لك معلومات متنوعة لارابط بينها ولاتنفذ الى العمق ثم تقدم لك بين كل معلومة وأخرى مادة غنائية كما هناك البرامج التى تقوم على المسابقات التى لايبذل فيها المتلقى جهداً للاجابة على أسئلة المسابقة والتى يعلن القائمون عليها عن رصد جوائز مالية ضخمة للاجابة عن هذه الأسئلة الساذجة التى تتكرر صيغتها وأسئلتها بين عشرات الفضائيات التى تقوم على هذا النوع من البرامج هذا التركيز فى العمل الثقافي على الجانب الغنائي كان على حساب الجوانب الأدبية والفكرية إذ يرتكز العمل الثقافي على هذه الأضلاع الثلاثة الفني - الأدبي - الفكري المنتديات التى تهتم بالجانب الفكرى والأدبي نشاطها ضعيف وافتقدت البلاد عشرات المنتديات الأدبية والفكرية التى عرفتها الخرطوم العاصمة منذ الستينيات الماضية خاصة وأن العقود الثلاثة الماضية أفرزت مئات القضايا الفكرية نتيجة للتحولات السياسية والاجتماعية والثقافية التى شهدتها البلاد بالتزامن مع المتغيرات الدولية فى ذات المجالات والتى تلزم النخب الأدبية والفكرية للاهتمام بمناقشتها لأنها ذات تأثير مستمر على المواقف السياسية ورسم السياسات الخاصة بوضع البلاد فى هويتها وثقافتها ومرجعياتها وبنيانها الاجتماعي إن إغفال المنتديات لمناقشة هذه القضايا من خلال اللقاءات والندوات التى تستقطب المفكرين والأكاديمين والممارسين أدت الى أن تناقش مثل هذه القضايا المهمة خارج البلاد ويناقشها غير السودانيين وأحياناً مع قلة من المفكرين السودانيين الذين تربطهم صلات زمالة أو علاقات خاصة بالمنظمات أو الجماعات الخارجية التى تعقد الندوات والورش لقضايا السودان الفكرية والثقافية ولاتتعمق فى تناولها ولاتفلح فى فك عقدها ونجد أيضاً أن المفاوضات التى دارت أو الدائرة حالياً من قضية دارفور أو الجنوب والشرق قبل ذلك تفرد الشهور بل والسنين للتباحث والتفاوض حول القضايا الفكرية والثقافية المرتبطة بالهوية والخصوصية الثقافية وكان الأولى بمنتدياتنا الثقافية أن تحشد المفكرين الوطنيين وفى داخل البلاد وبعيداًعن الوصايا والشروط التى تفرضها الوساطات والرعاة وبعيداً عن اجواء الخصومات لمناقشة هذه القضايا التى تحتاج الى إعمال الفكر وأساليب التفكير الحر وبعيداً أيضاً عن الهيمنة الرسمية والخروج عن القانون والأعراف .