توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    تحالف "صمود": استمرار الحرب أدى إلى كارثة حقيقية    شاهد بالفيديو.. لاعب المريخ السابق بلة جابر: (أكلت اللاعب العالمي ريبيري مع الكورة وقلت ليهو اتخارج وشك المشرط دا)    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    "صمود" يدعو لتصنيف حزب المؤتمر الوطني "المحلول"، والحركة الإسلامية وواجهاتهما ك "منظومة إرهابية"    شاهد بالفيديو.. حسناء الفن السوداني "مونيكا" تدعم الفنان عثمان بشة بالترويج لأغنيته الجديدة بفاصل من الرقص المثير    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    ميسي يستعد لحسم مستقبله مع إنتر ميامي    صحة الخرطوم تبحث خطة لإعادة إعمار المرافق الصحية بالتعاون مع الهيئة الشبابية    كمين في جنوب السودان    كوليبَالِي.. "شَدولو وركب"!!    دبابيس ودالشريف    إتحاد الكرة يكمل التحضيرات لمهرجان ختام الموسم الرياضي بالقضارف    محمد عبدالقادر يكتب: بالتفصيل.. أسرار طريقة اختيار وزراء "حكومة الأمل"..    تقرير يكشف كواليس انهيار الرباعية وفشل اجتماع "إنقاذ" السودان؟    ارتفاع احتياطيات نيجيريا من النقد الأجنبي بأكثر من ملياري دولار في يوليو    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "تشات جي بي تي" يتلاعب بالبشر .. اجتاز اختبار "أنا لست روبوتا" بنجاح !    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    شهادة من أهل الصندوق الأسود عن كيكل    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    اكتمال عملية التسليم والتسلم بين رئيس مجلس الإدارة السابق والمدير العام للنادي    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    بنك أمدرمان الوطني .. استئناف العمل في 80% من الفروع بالخرطوم    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    «ملكة القطن» للمخرجة السودانية سوزانا ميرغني يشارك في مهرجان فينيسيا    وزارة المالية توقع عقد خدمة إلكترونية مع بنك النيل الأزرق المشرق    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إدعموا مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي


(1)
تم إنشاء مركز عبد الكريم الثقافي بمدينة أم درمان في شارع الدومة بحي العمدة شرق من 15 مايو 1998م تخليداً لذكرى المناضل الأستاذ عبد الكريم ميرغني (1923 – 1995م) والذي خدم بلاده في العديد من مجالات العمل الوطني والثقافي والاجتماعي وعمل معلماً وإدارياً وسفيراً ووزيراً وإضافة إلى ذلك فهو مثقف موسوعي المعرفة واقتصادي متميز وباحث في مجالات الإبداع الشعبي في الطب والصيدلة.
جاء إنشاء مركز عبد الكريم ميرغني كمؤسسة ثقافية وطنية غير حكومية بجهد شعبي خالص إمتداداً لمسيرة العمل التطوعي الأهلي بمدينة أم درمان والذي بدأ بإنشاء المدرسة الأهلية عام 1927م بجهد شعبي حيث أسهم أبناؤها التجار والمثقفين والمشائخ وعامة الناس فجمعوا التبرعات وأقاموا الأسواق الخيرية وعندما توقف البناء في مرحلة السقف قام الشيخ/ أحمد حسن عبد المنعم بخلع أسقف منزله ليتم بناء المدرسة والتي كان تشييدها ملحمة وطنية ، ضد المستعمر الذي أدرك خطورة الطبقة المتعلمة بعد أحداث ثورة 1924م وأصبحت أغنية الشاعر مصطفى يوسف التني الداعية لدعم التعليم الأهلي نشيداً وطنياً ألهبت المشاعر ضد الإنجليز في كل أنحاء السودان.
في الفؤاد ترعاه العناية بين ضلوعي الوطن العزيز
ما بخش مدرسة المبشر عندي معهد وطني العزيز
نحن للقومية النبيلة ما بندور عصبية القبلية
تربى فينا ضغائن وبيلة تزيد مصائب الوطن العزيز
وأدى قيام مؤتمر الخريجين في 1928م وابتكار ما يسمى بيوم التعليم إلى إحداث ثورة في التعليم الأهلي حيث فاق عدد المدارس الأهلية التي أنشأها المؤتمر في أرجاء السودان في عشر سنوات عدد المدارس التي أقامها الإنجليز طوال نصف قرن. وتواصل المشوار بإنشاء المدرسة الأهلية الثانوية عام 1945م ومدرسة المؤتمر الثانوية عام 1950م تخليداً لذكرى مؤتمر الخريجين. وفي عام 1986م تم إفتتاح جامعة أم درمان الأهلية تتويجاً لأهرام الآباء الأوائل رواد التعليم الأهلي والعمل الطوعي والخيري في السودان حيث أشار د. المعتصم أحمد الحاج إلى ما كتبه البكباشى/ أحمد عقيل في مارس 1944م بصحيفة صوت السودان عن المدرسة الأهلية حيث قال (إنها بدأت كتاباً واليوم فصلان ثانويان وعما قريب ستكون الكلية الأهلية. وهكذا بإذن الله إلى أن تصل إلى مصاف الجامعات التي ينتهل منها طالب العلم حتى يشبع وهيهات أن يشبع).
وإضافة إلى المدارس الأهلية أسهم العمل التطوعي والخيري بأم درمان في إنشاء الكثير من المؤسسات الخيرية والتعليمية ومن أهمها معهد القرش ومدارس الأحفاد وجامعة الأحفاد والتي تعتبر رائدة في مجال التعليم النسوي على المستويين العربي والأفريقي إضافة إلى سمعتها العالمية المرموقة. فعشرات الآلاف من خريجات الأحفاد يحملن مشاعل العلم والمعرفة ويسهمن بجهد مقدر في مسيرة التغيير الإجتماعي والتقدم والتنمية.
(2)
وجاء إنشاء مركز عبد الكريم ميرغني بمدينة أم درمان مواصلة لتلك المسيرة الطويلة للعمل الخيري والشعبي والتي بدأت بعد معركة كرري واستبسال الأبطال الأشاوس أمام الغزاة حيث عمد الإنجليز إلى إقامة عاصمة جديدة وتم الإهمال المتعمد لمدينة أم درمان لكسر جذوة النضال الوطني وروح المقاومة. لكن خاب ظنهم حيث أسهم الجهد الشعبي والخيري في إعادة إعمار المدينة حيث شاركت النساء إلى جانب الرجال في إعادة إعمار المدينة وامتدت مشاركة النساء حتى في الأعمال الشاقة ومنها أعمال البناء والتشييد.
لقد استلهم راعي المركز ومنشئه رجل الأعمال محمود صالح عثمان صالح الدور الطليعي والريادي للجمعيات الفكرية والثقافية للآباء الأوائل من جماعة أبوروف وجماعة الهاشماب ومدرسة الفجر وأندية الخريجين وغيرها من الجمعيات من الدور الذي تلعبه الثقافة والمعرفة في مسيرة التغيير الاجتماعي والتقدم والتنمية ولذا جاء إسهامه الكبير في إنشاء المركز بمساهمة الكثيرين من داخل السودان وخارجه.
يهدف مركز عبد الكريم ميرغني إلى جمع وتوثيق التراث الوطني والإحتفاء بالرموز الوطنية في كافة مجالات العمل والإبداع وبإرساء دعائم الحوار الإيجابي الهادف بين المواطنين كافة دون تمييز وحفز وتشجيع المبدعين ونشر إنتاجهم داخلياً وخارجياً. وإضافة إلى ذلك فإن المركز يولي قضايا واحتياجات الأطفال الرعاية والاهتمام كما يسعى إلى تطوير وتنمية إمكانات التأهيل والتدريب في القطاعات المهنية والفنية والأمنية وذلك بالتعاون المشترك مع منظمات المجتمع المدني داخل الوطن وخارجه. ويهدف المركز إلى تبني قضايا المرأة والإفادة من قدراتها في خدمة الأسرة والمجتمع كما يهتم أيضاً بشؤون البيئة وقضايا المعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة.
(3)
تضم مكتبة المركز (دار الحكمة) مجموعة منتقاة من الوثائق السودانية والكتب والدوريات والمراجع في مختلف مجالات المعارف الإنسانية. كما إن هناك جزء منفصل يحتوي على العديد من الكتب والوثائق التي تهتم بالسودان في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية. وتحتوي دار الحكمة على قاعة إطلاع حديثة يؤمها الطلاب والباحثين طيلة أيام الاسبوع.
وإيماناً من المركز بأهمية التفاعل الحي مع معطيات العصر الحديث وما أنتجته من ثورة تقنية هائلة أفقدته إنشاء وحدة متخصصة بالمركز للحاسب الآلي تهدف إلى إتاحة فرص التأهيل والتدريب لقطاعات واسعة من المجتمع للتدريب على نظم الكمبيوتر المختلفة بقصد التفاعل الإيجابي مع ثورة المعلومات والتقنية الحديثة. ودعماً لجهود تأهيل طلاب المدارس والجامعات في اللغة الإنجليزية بادر المركز وبالتعاون مع البرنامج الطوعي للسودان بالمملكة المتحدة على تنظيم برامج تأهيلي وترقية اللغة الإنجليزية حيث استفاد منه أربعة آلاف طالب.
وحرص المركز منذ إنشاؤه على توثيق الصلات الثقافية مع العديد من المؤسسات والمنظمات العلمية والثقافية والجامعات ومنظمات المجتمع المدني المحلية والإقليمية والدولية كالمركز الثقافي البريطاني ، جامعة دراهم ، جامعة بيرجن بالنرويج ، المجلس العربي للطفولة ، مركز البحوث العربية والأفريقية بالقاهرة ، المجمع الثقافي بأبو ظبي ومؤسسة الأهرام.
وأنشأ الشاعر الكبير محجوب شريف نفاج مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي في مارس 1999م تحت إسراف الأستاذة أمينة عبد الرحيم والأستاذ الشفيع إبراهيم. تهتم وحدة النفاج بثقافة الطفل حيث شارك أطفال النفاج في عرض عدة مسرحيات متكاملة منها على سبيل المثال مسرحية الرحمتات ومسرحية سابي تولي كما قاموا بإعداد مسلسل إذاعي إمتد لثلاثين حلقة حول حقوق الطفل.
وتشمل أنشطة النفاج فلاحة البساتين ومكافحة التصحر والمحافظة على البيئة وأنشطة الخياطة والمطبخ والفنون والرسم والتلوين حيث شارك أطفال النفاج في مسابقات دولية مختلفة. وتحرص وحدة النفاج على نقل أنشطتها إلى خارج المركز بغرض استيعاب أكبر قدر من الأطفال كما يهتم النفاج أيضاً بأطفال النازحين والأطفال الفقراء الذين لم يتمكنوا من مواصلة تعليمهم. وأثناء العطلات الصيفية يحرص النفاج على تكثيف أنشطته المختلفة لتشمل الرحلات الترفيهية والعلمية للعديد من المواقع التاريخية والثقافية والإنتاجية بغرض غرس روح الوطنية وتعريف الأطفال بتاريخ وثقافة بلدهم.
(4)
وللتعريف بإعلام الثقافة السودانية ونشر الأعمال الإبداعية في الشعر والقصة وتشجيع التأليف والترجمة والنشر في دائرة ثقافة المرأة والطفل ، يولي المركز جانب الإصدارات والنشر عناية خاصة. وكذلك يهتم بترجمة ونشر الوثائق السودانية وترجمة المؤلفات المتميزة في الدراسات السودانية وترجمة المؤلفات المتميزة في الدراسات السودانية. وخلال مسيرته القصيرة تمكن المركز من رفد المكتبة السودانية بما يزيد عن مائة وأربعين كتاب شملت كل مجالات الفكر والثقافة والأدب كما تمت ترجمة بعض قصص الأطفال للشاعر محجوب شريف إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والهولندية. وللمفارقة إن كل تلك الإصدارات لم تشمل سيرة وحياة الأستاذ عبد الكريم ميرغني والذي تحتاج سيرته وثقافته الموسوعية وأبحاثه إلى مجلدات للتعريف بها وهذا إنما يدل على القيمة الإنسانية السامية والهدف النبيل من إنشاء هذا المركز لنشر العلم والمعرفة. وأدرك هذا أديبنا الكبير الطيب صالح ببصيرته النافذة عندما أصر على إشراف المركز على جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي عام 2002م ورفض إشراف إحدى المؤسسات الجامعية على الجائزة وإصرار أديبنا الطيب صالح قلادة شرف وفخار لا يدانيها شرف لدور المركز الريادي في نشر الوعي والمعرفة والثقافة حيث وصف الشاعر الكبير محمد المكي إبراهيم المركز بأنه "وزارة ثقافة". ويشرف المركز على جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي منذ عشر سنوات حيث كانت دورتها الأولى في عام 2002م. ومن أهداف الجائزة تحفيز ناشئة الأدباء والكتابة ولفت الانتباه لحركة الرواية السودانية وما حققته من تجارب إضافة إلى ترقية حركة الكتابة الروائية في السودان بزخم جديد والإسهام في نشر أعمال المبدعين السودانيين إلى دائرة الاهتمام النقدي عربياً وعالمياً وتوثيق الصلات الثقافية مع المنظمات والهيئات المماثلة إقليمياً وعالمياً. وتصاحب أنشطة الجائزة السنوية مؤتمرات علمية في مجال دراسات النقد حول الرواية السودانية كما يتم تكريم الرواد والمبدعين الروائيين السودانيين في ختام كل دورة حيث تم تكريم خليل عبد الله الحاج وعثمان نور والأستاذة ملكة الدار محمد والأديب أبو بكر خالد ومن المبدعين المعاصرين الأستاذ عيسى الحلو ، الأستاذ محمود محمد مدني ، الأستاذ تعبان ليولونق ، الأستاذ عثمان الحوري والبروفيسر مختار عجوبة. واستطاعت جائزة الطيب صالح أن تضيف إلى الساحة الكثير من الأسماء المبدعة والأعمال الجيدة ويقوم المركز بطباعة كل الروايات الفائزة إضافة إلى بحوث المؤتمرات العلمية للرواية السودانية المصاحبة للجائزة. وتطمع إدارة الجائزة في ترجمة الأعمال الروائية الفائزة للغات العالمية إضافة إلى العمل على إنشاء مركز السرديات السودانية وإصدار مجلة تعنى بالسرديات والدراسات النقدية.
ومن خلال ندوته الأسبوعية كل يوم اثنين أصبح مركز عبد الكريم ميرغني محطة ثقافية للحراك الفكري والثقافي. وتطرح (ندوة الاثنين) قضايا مجتمعية معنية بالتراث والبيئة والاقتصاد والتحولات الاجتماعية والثقافية وخلال مسيرة هذه الندوة مشاركة فيها العديد من المفكرين من تيارت سياسية وثقافية وأيدلوجية متباينة مما أدى إلى إثراء الحوار العقلاني الديمقراطي الحر بهدف إعلاء قيم حرية الفكر وقبول الآخر في وطن تتعدد ثقافاته وأديانه وإثنياته. وحرصت إدارة المركز على أرشفة وتبويب كل هذه الندوات لتكون في متناول الجميع لتعميم الفائدة.
(5)
وتماماً كتجربة المدارس الأهلية والأندية الأدبية وغيرها من التجارب الثرة لشعبنا والتي تؤكد تجذر قيمة العمل الطوعي والخيري والشعبي في ثقافاتنا ، يطمع مركز عبد الكريم ميرغني لنقل تجربته الرائدة لكل مدن السودان كما تؤكد إحدى شعاراته "ثقافة بالجميع وللجميع" وذلك بتوفير الدعم والمشورة والخبرة الفنية والبشرية والتأهيل والتدريب لكل المراكز الناشئة. كما يطمع المركز إلى إعادة إحياء المكتبة المدرسية والمسابقات الثقافية ودعم مشروع المكتبات المتجولة إضافة إلى إنشاء شبكة من وحدات الحاسب الآلي في العديد من مدن السودان للتفاعل مع معطيات ومتغيرات ثورة وتقنية المعلومات. وكذلك يسعى المركز بخطى ثابتة نحو توثيق الصلات مع المهاجرين السودانيين بدول الخليج وأوروبا وأمريكا الشمالية وذلك عبر إنشاء موقع الكتروني فعال يغطي كل أنشطة المركز يسهم بربط المهاجرين بقضايا وطنهم ونشر إبداعهم وتجاربهم في المهاجر المتعددة وربط الأطفال والأسر المهاجرة بالثقافة السودانية. ويلعب المهاجرون دوراً محورياً كقنطرة لنشر الثقافة السودانية بتلك المجتمعات وعكس ثقافات تلك الشعوب عبر الترجمة المتبادلة وذلك إعلاء لقيم الحوار الإنساني والحضاري النبيل. وكذلك تمثل الخبرة المتراكمة للمهاجرين السودانيين وقدراتهم المادية والبشرية ونسيج علاقتهم المتشعبة في تلك المجتمعات قاعدة أساسية ليست لخدمة أهداف ومشاريع المركز فحسب بل وخدمة التنمية في السودان ككل وفي مختلف المجالات. وتأكيداً لذلك الدور قامت مجموعة من أصدقاء المركز بطرح فكرة إنشاء رابطة أو مجموعة أصدقاء مركز عبد الكريم ميرغني بالمهاجر حيث رحبت إدارة المركز بالفكرة لخدمة أهداف المركز وربط المهاجرين بوطنهم.
(6)
وأنت تدخل المركز تستقبلك تلك الوجوه الباسمة بأريحية سودانية خالصة وود لا يمكن وصفه وفي ثواني معدودة تختفي بينك وبينهم كل الألقاب والدرجات العلمية، وتبدأ مشاركتهم في كل شيء أكواب الشاي ... وجبة الفطور ... سجاير البرنجي وعندما تبدأ النقاشات الثقافية والاقتصادية والسياسية تجدهم ، وهم أهل مكة وأدرى بشعابها ، ينصتون إليك بكل احترام وتبدأ المداخلات والحوار الديمقراطي العقلاني المستنير وبين الفينة والأخرى تنظر إلى صور الأستاذ عبد الكريم ميرغني المعلقة في الجدار ومجموعات من الزوار من مختلف الأعمار من الجنسين تسأل عن بعض المطبوعات أو الأنشطة ثم تعبر إلى (دار الحكمة). وفي نهاية الجلسة العفوية تتأكد تماماً انك لست في حاجة لملء أورنيك عضوية لأن هناك علاقة حقيقية وحميمة وود لا يوصف نشأ ونمى بينك وبين إدارة وعضوية وزوار المركز ... بل بينك وبين جدران المركز ومحتويات (دار الحكمة). وعندما تدخل مكتبة السودان لا تصدق نفسك من كثرة الكتب والمراجع النادرة القيمة والتي قد يندر وجودها في مكتبات أعرق الجامعات السودانية وفجأة يطل على مخيلتك صورة العم عباس الزين ببشاشته المعهودة في مكتبة السودان بجامعة الخرطوم وتتعجب من مقدرته المدهشة على حفظ الآلاف من الكتب والمخطوطات والدوريات على ظهر قلب. وقبل أن تدخل (دار الحكمة) تلفت إنتباهك فترينة عرض إصدارات المركز... أحمد المصطفى فنان العصر ..... ظلال وأفيال ... الخرطوم بالليل.... اليهود في السودان ... ناس من كافا ... ذاكرة شرير ... أعمال علي المك ... المنسي ... في ذكرى الغابة والصحراء.... استقلال السودان الثاني ... الأعمال الكاملة للطيب صالح. ويزيد دهشتك د. كمال عبد الكريم ميرغني والأستاذ وليد خلف الله بالحديث عن إصدارات العام الحالي .. رواية قنقليز رواية فركة ... موسوعة المريخ الرياضية .... من تاريخ دارفور ... جامعة الخرطوم الحاضر والمستقبل. وعندما يأخذك د. الصاوي ووليد يوسف لمشاركتهما القهوة بكافتريا المركز تصنت خلسة لحنينة وهي تدندن بأغنية "الطير المهاجر" أثناء إعداد القهوة فتسأل نفسك بتعجب: هل كنت تتوقع أن تدندن بأغنية حرامي القلوب تلب ؟ أم راجل المرا ؟ وأثناء حديث د. مصطفى الصاوي الشيق عن صالون فوز والخليل وتوفيق صالح جبريل تستقبل مكالمة هاتفية تذكرك بميعاد في طرف المدينة ... تندم على عدم إغلاقك الموبايل .. وأنت تودع الجميع .. يخبرك الأستاذ وليد خلف الله بندوة الاثنين القادمة وهي جلسة مؤانسة مع إدريس البنا والأستاذ الشعراني والفنان الجقر عن أغنية الحقيبة ..... وأنت تجلس في الحافلة المتهالكة ومركز عبد الكريم ميرغني ، كأول امرأة التقيتها في دروب العشق يشغل كل خيالك ولا يخرجك من تلك العوالم إلا المشادة التي نشبت بين سائق الحافلة ومجموعة من الطلبة حول التسعيرة ويغرق الركاب من الضحك عندما يقول السائق: عينكم في الفيل تطعنوا في ضله ....... تمضي الأيام متثاقلة ويأتي يوم الاثنين فتسرع إلى المركز تمني نفسك بليلة سعيدة مع درر أغاني الحقيبة ولكن يخيب رجاؤك عندما تصل المركز وتعلم أن جلسة المؤانسة تم إلغاؤها من قبل الجهات الرسمية بل إن كل الندوات والمناشط الثقافية الأخرى للمركز تتطلب الموافقة عليها من قبل السلطات الرسمية ..... تصاب بالإحباط الشديد وتستغرب من هذا النظام الذي يملأ الدنيا ضجيجاً ويخاف من الندوات ويخاف من الكلمة .... وأنت تعود إلى دارك تلعن زمن الإنقاذ في كل خطوة ألف مرة.
(7)
إن مركز عبد الكريم ميرغني منارة ثقافية سامقة في سماء الوطن الغالي وسيظل منهل للثقافة والعلم والمعرفة وسيلعب دوره التنويري المنوط به رغم المحاولات المستمرة واليائسة من قوى الظلام لمحاصرته وتحجيم دوره بشتى الوسائل والسبل. إن كثير من الجهات الأمنية تنظر بعين الشك والريبة العديد من أنشطة المراكز الثقافية والمنظمات التطوعية غير الحكومية رغم أن كل هذه المؤسسات أنشأت بفرمانات وقوانين الدولة ولا تمارس نشاطاً يخالف القانون.
لكن طبيعة الأنظمة المستبدة والشمولية تتنافى مع أسس الحوار الديمقراطي المعافى ولا تستمع إلا إلى أكاذيبها. وخلال مسيرة المركز تعرض إلى الكثير من المضايقات من الأجهزة الرسمية لتعطيل أنشطته ومن أبرزها مصادرة رواية الجنقو ... مسامير الأرض للأستاذ بركة ساكن ومنعها من التداول داخل السودان وكذلك التضييق على نشر رواية فركة للكاتب الأستاذ طه جعفر الصادرة هذا العام فقد تم اعتقال هذه الرواية لمدة جاوزت الثلاثة أشهر. إن التضييق على العمل الثقافي والفكري والجماهيري ومصادرة الحريات وتكميم الأفواه الذي تم في فترة حكم الإنقاذ لم تشهده بلادنا في تاريخها كله. إن فشل مؤسسات الدولة الحكومية الثقافية والمؤسسات الأخرى المرتبطة بها رغم ما توفر لها من ميزانيات وإمكانيات ضخمة نتيجة حتمية لطبيعة هذا النظام. فحكومة لا توفر لمواطنيها أبسط سبل العيش الكريم من غذاء وعلاج وتعليم وأمن وحكومة لا تؤمن بالتعددية السياسية والثقافية والدينية والعرقية كيف لها أن تسعى إلى ترقية وتنمية ثقافة مواطنيها.
وإذا كنت قد شاركت في الحملة التي أطلقتها دار الغاوون للطباعة والنشر من أجل الحفاظ على منزل الشاعر العراقي الكبير الجواهري وتكللت بالنجاح وشارك فيها الكثير من المثقفين والكتاب والمؤسسات من كل أنحاء العالم ، فإنني أضم صوتي إلى صوت أستاذي أحمد عبد المكرم في مقاله الذي نشرته صحيفة أجراس الحرية بتاريخ 30/5/2011م بعنوان أطلقوا سراح مركز عبد الكريم ميرغني فإنني أدعوا لتنظيم حملة للدفاع عن كل أنشطة المركز وإزالة القيود لكي يمارس أنشطته بكل حرية تحقيقاً لأهدافه السامية.
عادل عثمان عوض جبريل
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.