أكثر من مائة وأربعين مواطناً في مراحل عمرية مختلفة يعانون من الإعاقة السمعية والنطقية في قلب الخرطوم، إلا أن عزيمتهم القوية جعلتهم يتحدون الإعاقة والظروف الاقتصادية المعيشية التي دفعتهم إلى كسر هذا الحاجز ببيع وصيانة الأدوات الكهربائية، مفترشين الأرض و(الطرابيز) في السوق العربي منذ عام 1985م بأعمار مختلفة، ومازالوا في هذه المهمة الشاقة.. (آخر لحظة) جلست إليهم وتحدثت معهم بلغتهم التي يفهمونها (لغة الإشارة)، بجانب الورقة والقلم للتعرف على معاناتهم وماذا تفعل معهم المحلية والطريقة التي يتعاملون بها مع الزبائن، وكذلك المواقف التي تواجههم أثناء بيعهم. وفي أجواء سادتها الورقة والقلم عرفونا بأسمائهم كل من فيصل إبراهيم من ولاية القضارف، وطارق الخير من الدمازين، وحسين صالح من الخرطوم، وأيمن جعفر من ولاية سنار، وإسماعيل أحمد من شمال كردفان وآخرهم الحاج فضل المرجي أرباب من أم درمان، حيث ذكروا أن الغالبية منهم لديهم شهادات جامعية، لكن نسبة لضيق فرص العمل امتهنوا هذه المهنة ويتحصلون على هذه الأدوات من سوق ليبيا، موضحين أن العمل في الأعوام الماضية كان أفضل من الآن. وعن التعامل مع الزبون ذكروا أن الزبون يقوم بكتابة السعر في يده إذا لم يفهم إشاراتهم، وإذا تعذر ذلك نجد من الإخوة الذين يجاوروننا في السوق العون بتوصيل المعلومة بالنطق وهكذا تتم المبايعة. وكذلك ذكروا بأنهم يقومون بتوصيل المصاريف لأسرهم في الولايات عن طريق تحويل الرصيد في اليوم بمبلغ (15) جنيهاً، فمنهم من لديه أبناء في مراحل دراسية مختلفة ويعتمدون في الموبايلات على الرسائل. وعن اختيارهم لمهنة بيع وصيانة هذه الأدوات أوضحوا أنها سهلة ومتعددة وأن الطلب عليها أصبح كثيراً مثل الزردية والوصلات بأنواعها فيديو وتلفزيون وبطاريات ومفكات وغالبية الأدوات الكهربائية الصغيرة بمختلف الأنواع وغيرها من أدوات. وذكروا أن من أكبر المشاكل التي تواجههم هي الكشات من قبل المحلية، إذ تلاحقهم يومياً ولا تتعامل معهم، موضحين أن لهم بطاقات للصم لا تعترف بها، ذاكرين أنهم يعيلون أسرهم من هذا العمل الشريف، وأضافوا أن لهم اتحاداً في كل من الخرطوم وبحري وأم درمان واستخراج البطاقة يكلف 15 جنيهاً. وفي الختام عبر (آخر لحظة) يناشدون الدكتور عبد الرحمن الخضر والي ولاية الخرطوم ووزارة الرعاية الاجتماعية أن تخصص لنا دكاكين لنعمل بها خير من أن نفترش الأرض حتى تجنبنا الكشات اليومية التي نتضرر منها كثيراً خاصة أن عددنا أصبح كبيراً موزعين على طول السوق العربي. كما نوجه الشكر لصحيفة (آخر لحظة) والعاملين بها وشكر مقدر للحاج عطا المنان رئيس مجلس الإدارة ولرئيس التحرير مصطفى أبو العزائم وأسرة (آخر لحظة) وخاصة المنوعات.