كان يوم الأمس يوماً تاريخياً واستثنائياً مهماً وهو لا يقل أهمية عن يوم إعلان استقلال السودان، فقد أعلنت مفوضية الاستفتاء النتيجة النهائية للاستفتاء وبالطبع لم تأتِ بجديد فهي الانفصال، كما حملت النتائج الأولية بل كما كانت كل التوقعات والمؤشرات تشير إلى ذلك.. المهم أعتقد أنه يوم مفرح لبعض مواطني جنوب السودان ومحزن للبعض الآخر، كما هو كذلك في الشمال، ونحن لا نملك إلا أن نقول إن كان هذا خيار الجنوبيين فهم (حرين) في خيارهم.. فالشعوب دائماً هي التي تقرر مصائرها ونتمنى لهم التوفيق.سادتي أعتقد أن تقرير المصير كان آخر استحقاقات اتفاقية السلام التي تم التراضي عليها بين الحكومة والحركة الشعبية، لأنهاء حرب دامت لأكثر من (21) عاماً، وجاءت هذه الاتفاقية لحقن الدماء، وكان لابد أن يتم إيقاف الحرب بين الدولتين، وعلى الدولتين أن تعملا بصورة جادة لعدم الاستهداف لبعضيهما، وأن تنخرطا في تنمية البلدين لراحة شعبيهما بعد الحرب وصرف الأموال الطائلة عليها، فالاقتصاد السوداني (الشمالي) قد عانى كثيراً، وكثير من ميزانيته تتحول لميزانيات حرب وتترك التنمية والزراعة للسلاح، وتسيير أمور الحرب، كما أن المواطن الجنوبي قد عانى من هذه الحرب، لأنها كانت تدور على أرضه، فشُرد ولم يلقَ حظه من الحياة الكريمة، وأظن أنه آن الأوان ليجد كل الخدمات التي افتقدها طويلاً.. ولعلني في هذا اليوم (أنا أكتب في يوم إعلان نتيجة الاستفتاء) استمع للإذاعات لمتابعة البث الإذاعي والتلفزيوني لمعرفة ردود الأفعال، وقد فوجئت بوجود بث مشترك للإذاعات ال (FM)، وكانت تبث في تلك اللحظة (واجب الأوطان داعينا)، وقد توجست جداً لأن البث المشترك لا يتم في الأوضاع العادية، وكان هذا في جزء من الثانية وتذكرت أن هذا اليوم بالفعل (يوم استثنائي) فاتصلت بالأستاذ الرائع طارق البحر مدير إذاعة (FM100) فقال إنهم بالفعل يقومون ببث مشترك بين كل إذاعات (FM) تحت شعار (كلنا للبلد)، وأن هذه البرمجة ستستمر حتى منتصف الليل، كما اتصلت على الإذاعي المبدع هيثم الريح حمد النيل في ساهرون وسألته عن البث، فتحدث عن التجربة أيضاً ولم استطع بعدها اغلاق الإذاعة رغم تأثيرها على (بطارية الموبايل حيث أنني لا أحمل الشاحن معي)، لكن البرامج والاستطلاعات التي قدمت كانت تؤكد أن هذه الإذاعات لها دور مهم ولها رسالة نبيلة، وبدورنا نشد على أيديهم ونشكرهم على هذا اليوم الرائع ونحن نقول لهم (أنكم بقدر الوطن).