أهداني صديقي الدكتور أنيل كومار استشاري أمراض الكلى والمسالك البولية مجموعة من الكتب قبل أيام، وهو يعرف شغفي وكلفي بالقراءة، ومن بين المجموعة المهداة إليَّ كان هناك عنوان جاذب وغلاف أكثر جاذبية لكتاب حمل اسم (على فين يا بلد؟) للأستاذ الدكتور حازم الطيبي، وهو طبيب مصري حاصل على الدكتوراه في جراحة العظام عام 1986م له العديد من الأبحاث العلمية وعمليات جديدة باسمه منشورة في كبرى المجلات العالمية في أمريكا وأوربا.. وهو كاتب وقاص وفنان تشكيلي تنشر له الصحف والمجلات المصرية والعربية. مددت يدي نحو الكتاب المُلفت، وبدأت أقرأ للاستكشاف والتقييم فوجدت ما يستحق أن أقف عنده وأن أشرك معي القاريء الكريم فيه - ومن بينه مقال بعنوان (المقالات الدبلوماسية).. أرجو أن تقرأه حتى آخر سطر فيه لتعرف كم هو خيال لكنّه صورة تكاد تكون واقعية.. وناطقة. ü المقابلات الدبلوماسية ماذا يحدث داخل الغرف المغلقة. يخرج المُتحدث الرسمي للبيت الأبيض وقد ارتسمت على وجهه الجدية ليبلغنا بأن المحادثات بين الرئيس الأمريكي وأحد المسؤولين العرب كانت مثمرة وقد استعرض الرئيس وضيفه الكريم كافة القضايا المطروحة على الساحة خلال ثلاث ساعات. وأتساءل ما طبيعة الحوار الذي يحدث داخل الغرف ولمدة ثلاث ساعات... على الأغلب فإنه كالآتي: - التقارير أمامنا تؤكد أنك لم تُنفذ التوصيات التي طلبناها منكم في اللقاء السري الذي جرى بيننا في منتجع كامب ديفيد منذ خمسة أشهر. عليك أن تتأكد في المرة القادمة أن أوامرنا تنفذ حرفياً ولا مانع لدينا ببعض التصريحات النارية تؤكد شجبكم لسياستنا في الشرق الأوسط... ولكن لا تُغالي... على أي الأحوال سوف نرسل لكم التصريح مكتوباً حتى لا تتعدى الخطوط الحمراء. - أو... سيدي أنك تطالبنا دائماً ببقائك في الحكم ونحن لا نمانع ما دمت تنفذ سياستنا، ولكن أغلب ما أرسلناه لكم من معونات اقتصادية في صورة قروض مالية تمت سرقتها من طرف بطانتكم... سيدي هنا في الولاياتالمتحدة لدينا مؤسسات تحاسبنا... صحيح لدينا ميزانيات سرية لدفع حسابكم وآخرين في بنوك سويسرا، ولكن فليكن هناك بعض الانضباط حتى تصل بعض المعونات إلى مستحقيها من المعدمين، فنحن لا نستطيع أن نحافظ على النظام إذا قامت الدهماء والجوعى بقلاقل. - أو... ميزانية البترول تجاوزت المائة والخمسين ملياراً في بلادكم ولم يتم الإعلان إلا عن ثلاثين بالمائة من هذا الرقم... على أي الأحوال لا مانع لدينا من توزيع الثروات على العائلة الحاكمة ورجالكم، ولكن لابد من تجنيب جزء للتسلح. لقد حددنا مبلغ عشرين مليار دولار هذه السنة لتشتروا بها بعض الطائرات والدبابات والقطع البحرية في ترسانتنا في إسرائيل والشرق الأقصى... لم تعد أسلحة حديثة ولكنها بالنسبة لكم أكثر من ممتازة... عليكم بإعلان طلبكم لتطوير الجيش لديكم، وسوف نوافيكم بقائمة الطلبات التي ستطلبونها... بالمناسبة أعلن قبل هذا الخبر بأسبوعين أن هناك حشوداً عسكرية على حدودكم، ثم أطلق بعض الصواريخ على مواقعهم واصدر تصريحاً تشجب فيه عدوانهم، وتؤكد أنك ستضرب بيد من حديد على أي محاولة أخرى... هذا سيعزز طلبكم أمام العامة من شعبكم بطلب السلاح، سوف نناصركم بالطبع ونؤكد أن أقمارنا الصناعية رصدت تحركات العدو. - سياسة الحريات التي تطبقونها سريعة، ونرى أن تبطيء وتقوم بالقبض على قياديي هذه الجماعات، وسوف نشجب بالطبع تصرفكم، ونطالبكم بإعلان الحريات وتداول السلطة، وسوف نربط ذلك بالمعونات كما تعودنا، وقد نرسل وزير خارجيتنا لتأكيد ذلك. هكذا يكون السيناريو ويخرج المسؤول العربي وهو يبتسم ليقف أمام الكاميرات ويقول: كانت محادثات مثمرة، تبادلنا فيها الآراء عن الموقف في الشرق الأوسط، وكيفية القضاء على الإرهاب كما تطرقت المباحثات إلى المعونات الاقتصادية (التي تمت سرقتها) والتعاون العسكري (الذي سيتم طلبه بعد شهرين أو ثلاثة) وتبادلنا الآراء عن المناخ السياسي ومزيد من الحريات (تم تسليم قائمة بالمطلوب القبض عليهم) هكذا استمر اللقاء ثلاث ساعات... كانت مثمرة بالطبع.