في جهد مشترك بين المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بوزارة العدل مع بعثة الأممالمتحدة بالسودان ممثلة في وحدة حقوق الإنسان، تم عقد ورشة عمل تحت عنوان: إقامة العدالة في الفترة من 15 - 17 ديسمبر الحالي بقاعة اتحاد المصارف بالخرطوم، حضر الورشة من الدارسين عدد مقدر من القيادات الأمنية والعدلية وبعض من قيادات المنظمات الطوعية الناشطة في مجالات العون المدني، إلى جانب رتب رفيعة من الشرطة السودانية وجهاز الأمن والمخابرات الوطني ووكلاء النيابة في عدد من محليات ولاية الخرطوم. تبرز أهمية هذه الورشة في النوعية التي تم اختيارها بعناية وهي العناصر التي تقع عليها مسؤولية إقرار العدل والحفاظ على حقوق الإنسان، وتأتي الأهمية الأخرى في الأوراق التي تم تقديمها من أساتذة مخضرمين في الأجهزة العدلية والقانونية، تلك الأوراق التي ترتبط بهموم المواطن في حقوقه القانونية في حالات الإيقاف والقبض والمحاكمة والحبس، والتي تخالف الحقوق الأساسية والمعاملة الخالية من التعذيب واللا إنسانية، وباختصار نورد عناوين الأوراق التي تم تقديمها في الورشة والتي حظيت بنقاش مستفيض من الدارسين، فالورقة الأولى كانت بعنوان: إدخال المعايير الإقليمية والدولية في النظام القانوني السوداني.. قدم الورقة الدكتور علي سليمان فضل، وقدم الورقة الثانية والتي حملت عنوان: التمثيل القانوني - عضو نقابة المحامين الأستاذ الطيب هارون المحامي، أما الورقة الثالثة في مستهل اليوم الثاني للورشة فجاءت تحت عنوان: القبض والاعتقال، قدمها المحامي ذائع الصيت نبيل أديب، والورقة الرابعة والتي قدمها المستشار بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الأستاذ نزار كانت بعنوان: سِنْ «عمُر» المسؤولية الجنائية في القانون السوداني. وفي بداية اليوم الثاني للورشة قدم الدكتور حيدر أحمد دفع الله عضو المحكمة العليا ورقة ضافية بعنوان: الربط بين منع التعذيب أو العقوبة القاسية واللا إنسانية والمهينة ومعايير المحاكمة العادلة. حظيت الأوراق التي تم تقديمها في ورشة إقامة العدالة بنقاش وتداول عميق من الدارسين، والذين يمتلكون خبرات عملية في التعامل مع المسائل العدلية سواء في القضاء الجالس والواقف، أو النيابات العامة أو أجهزة الشرطة المنوط بها القبض أو تلك المسؤولة عن تنفيذ الأحكام «شرطة السجون»، أو جهاز الأمن والمخابرات الذي يمرّ قانونه في المجلس الوطني بعواصف سياسية وقانونية. تمثلت قضايا المدافعين عن الحقوق في منظمات العون المدني والقانوني وحقوق الإنسان في عدد بسيط، ممثلين لشبكة حقوق الإنسان وملتقى منظمات دارفور «شراكة حقوق الإنسان»، وتمترست هذه المنظمات خلف الوثيقة الدولية لحقوق الإنسان في ما قبل القبض وأثناء التوقيف والمحاكمة وتنفيذ الأحكام، في عدد من القضايا التي شغلت المجتمع السوداني في الفترة الأخيرة، في اتجاه إلى براءة القوانين السودانية واتفاقها مع مبادئ حقوق الإنسان والحفاظ على كرامته والتفلتات التي تحدث في التطبيق، وهي تظل انفلاتات فردية لا تقدح في السير الإصلاحي للمؤسسات الأمنية والعدلية. إن أبرز المداخلات الحامية والسجال في هذه الورشة تركزت في عدد من الأحداث التي شغلت الرأي العام، وحظيت بتغطية إعلامية من قبل منظمات العون المدني السوداني والمتمثلة في بعض من سلوكيات الأجهزة، مثل قضايا النظام العام في مرحلة القبض والمحاكمة وتنفيذ الأحكام، وما يتعلق بالحقوق التي يتمتع بها المواطن وعدم تيسيرها له من الأجهزة الأمنية والعقابية، إلى الأحداث السياسية الأخيرة في ما يعرف بمسيرة الاثنين والتعدي على الحصانات الخاصة بنواب البرلمان والدستوريين. وظل قانون جهاز الأمن والمخابرات يلقي بظلاله على الورشة، ويثير مداخلات الدارسين القانونيين وممثلي المنظمات الطوعية. شكلت السوابق القضائية والإرث القانوني السوداني ميراثاً قومياً وإقليمياً يحق للسودان أن يفاخر بتجربته الثرة والرائدة على دول العالم الثالث، فقد ارتبط الميراث العدلي بقيم الدين والقيم الاجتماعية وإيجابية التنوع الإثني بين أهل السودان، وجاءت القوانين مبنية على الموروثات والثقافة العامة في فض النزاعات وإقامة العدل وجبر الضرر بالوسائل الشعبية التقليدية. إن هذه الورشة التي استعرضت بعضاً من الجوانب التي وجدت صداها في دواخلي تعتبر ورشة نوعية من حيث المشاركين الدارسين ومقدمي الأوراق، وهي مواصلة لجهود المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في هذا الجانب، والذي يتصل من جانب آخر بالنزاع الناشب بين السودان والمجتمع الدولي في عدد من الأحداث، التي تم تصنيفها في مجالات انتهاكات حقوق الإنسان والجريمة المنظمة أثناء النزاعات القبلية والحروب الأهلية التي امتدت منذ فجر الاستقلال إلى يومنا هذا. ونواصل بعون الله ولله الحمد