واليوم نحن في صحبة البديع.. الرقيق.. الأنيق.. محجوب سراج.. ولا أجد في الأرض.. من غنى للخاسرين عشقهم مثل محجوب.. ولا أخال هناك من لمس جراح الهزيمة في النفوس التي نزفت ورعفت.. والمآقي التي بالدموع امتلأت ثم تحجرت غير سراج.. إنه مزمار النائحين.. والذين اصطلوا بنيران الفراق والهجر والرحيل.. إنه من شاد.. أو نصب خيمة العزاء.. لأحبة دفنوا وسط النواح قصص حبهم وسط آهات الوجع.. وأنين الفجيعة.. يا لها من حروف.. وما أبلغها من كلمات.. وما أوضحها وأسطعها من صور ترسم بريشة فنان.. بل أنامل مبدع متدربة وخبيرة بمحطات الوجع.. وحلوكة الفزع.. وطول الليالي.. حيث الأنين والسهد والسهر وعيون وأرواح تساري النجم في الظلم.. وتبدأ العتاب.. المكتوب بأعواد مشاعل.. بل المحفور بأطراف أسنة وخناجر.. يبدأ وسط طوفان هائل من الدموع.. والسؤال في استنكار عن الحال.. وبعد أن ذهب الجفاء بالأماني التي تبددت وروعة الليالي التي استشهدت تحت مطارق الفراق وآخر حروف نهاية القصة.. ويمضي محجوب.. وهو يختلج والصور تتوالى.. ويستدعي الذكرى والتذكارات.. وتتقلب وتتلون تلك الذكرى كما تتلون الفصول.. يأتي الربيع.. ربيع روعة الليالي.. وبهجة التصافي.. وتنفجر السماء فرحاً.. مرحاً.. وضحكاً.. ثم تهب عواصف الألم والبعاد والهجر.. حيث البكاء.. وشراب الدموع المالحة.. وتأتي قمة المأساة.. تأتي بشاعة النهاية.. ثم ينطفيء ذاك النور ولا شيء غير الإحساس بأن الضوء قد انسحب من كل الكون.. وليه بتسأل.. ليه بتسأل عني تاني بعد ما شلت الأماني رحت خليتني لزماني إنت عارفه عليّ جاني لو بتفتكر الليالي تداوي غلبي والّا تاني ترجع الأفراح لقلبي إنت واهم يا حبيبي دي الليالي أمرَّ ليّ من دموعي الفي عينيه وكل لحظة تمر عليّ تنقص الأيام شويه وتطفي شمعاتي القليلة وافضل أبكي واقول حليله في الدموع أنا كل ليلة أدفن أشواقي وحناني من حياتك سرّ حياتي كنت أجمل أمنياتي عهدي راح ما اظنه آتي وما فضل غير أغنياتي مرة أضحك ومرة أبكي مرَّة أتحمّل أساي مرّة أهرب منُّه واشكي واعتبر حبّك حكاية وعشت فيها بكل روحي وارتضيت سهديّ وجروحي كنت داري وكنت دوحي وانطفيت يا نور زماني