أبدأ بنفسك، ربما كانت هناك أقوال مأثورة من هذا القبيل و( إدارة الذات) علم يدرس الآن، فعليك بدورك أنت تجوده، ودعك مما يحدث لغيرك ممن يتعرضون للملاحقة، فالعدل فى النهاية مشيئة إلهية، وهو فى البداية كذلك، صحيح كان منتظراً منهم العمل لصالح بلادهم والعاملين والجمهور الذى أنفق على تعليمهم وامتيازاتهم، بل المنتظر أكثر بظهور التكنولوجيا لتلحق مؤسساتهم بنظيرات لها نافست وحصلت على جائزة الجودة والإمتياز، واحتفالاتهم لا تنقطع ولا حوافزهم . لعلها التكنولوجيا ووسائلها المحيرة، فالنتائج تتعاظم كل يوم وتتفاقم على طريقة أكاد لا أصدق، فمن كان يصدق ما حدث من تغييرات درامية مذهلة تلاحقت منذ إطلالة هذا القرن؟ كانت التوقعات تهدد وزارات ومؤسسات وقيادات بعينها بإيجاد بدائل أقل تكلفة وأوفر كفاءة، بعد أن تدفقت المعلومات وتحسنت مؤهلات المديرين وقدراتهم التفاوضية فى مواجهة مشاكل مستعصية بحلول فورية ناجعة، اتضح الآن أن التغيير بلا سقف وأن الإدارة ليست وحدها، معها الدبلوماسية والتكنولوجيا والقيم، الأربعة معاً يشكلون العلاج. المجددون يقولون إذا أردت الإدارة الناجعة أبحث عن المدير المبادر المفاوض الدوبلوماسي المتفاهم مع الحاسوب بعصا سحرية لم تخطر ببال حتى مبتكري علم الإدارة قبل قرن من الزمان، حين عرفوها بأنها(فن إنجاز المهام عن طريق الآخرين)، الآن تمرير المهام للآخرين تقنياً يفعل مايفعل عبر الحاسوب والدلائل حولنا تتزايد.بعد تورط أمريكا فى العراق أثارت قناة فضائية موضوع ( إنشاء منظمات دبلوماسية طوعية تعمل على تحسين صور الدول بعدما اعتراها من جراء الحروب والصراعات والقسوة على الآخرين)-على حد تعبير خبير أمريكي- تصادف أن قرأت لشخصية رشحتها الإشاعات لمنصب سفير فنعى حظه حيث لم تتحقق الإشاعة. إنه بإمكانه الآن أن يجد ضالته في تكوين منظمة طوعية دبلوماسية ربما تكون هي الأولى في السودان. تأتي فكرة العمل الدبلوماسي الطوعي الآن ووزارات الخارجية بمفهومها التقليدي يتراجع دورها فما الذى يمكن أن تحمله الحقائب الدبلوماسية وأي سرية؟. لقد ظهرت للوجود بالفعل مؤسسة أمريكية طوعية تقوم بعمل دبلوماسي من نوع جديد مواكب لحاجة العالم، ملخص أهدافها (تحسين صورة أمريكا في مخيلة العالم)، وتتساءل المنظمة: )هل هذه هي أمريكا موطن الأمريكان الذين حرروا أوربا)؟. وانطلق مؤسس المنظمة الجديدة بإصداراته ينادي (بالتخلص من صورة الأمريكي البغيض)، وذلك بعد أن أجرى دراسة واستطلاع رأي في96 دولة، وقال كنتيجة (إن أمريكا فشلت في تحسين صورتها عالمياً وخاصة في العالم الإسلامي الذي بات ينظر إليها كمستعمر جديد)، ويضرب المثل لحالة أمريكا بصورتها على الشاشة آناء الليل وأطراف النهار. صدر دليل لهذه المؤسسة الدبلوماسية الطوعية ينادي بعدة قيم حضارية إنسانية يحتاج اليها العالم اليوم، من هذه القيم التي تصلح لكل البشر، لكنه قصد بها الأمريكان أولاً وأساساً أورد هنا العبارات التالية على سبيل المثال: استمتع بحب العظمة، لكن تصرف بتواضع، إهدأ ، إستمع، تعلم، لا تتكلم كثيراً.. أعط الإنطباع الجيد بخفض الصوت، التواضع، حسن الهندام، حاول تجميل سلوكك، إفتخر بنفسك قدر ماتشاء، لكن إظهر غير ذلك، النزاهة الفكرية، والنظر في المرآة بكل شجاعة.. وهكذا . فكرة العمل الدبلوماسي خارج نطاق الوزارة والأطر الرسمية يراها البعض ممكنة بل محببة وهناك تجارب، البداية تكون بالترويج للسلوك الدبلوماسي كقيمة مهنية إنسانية من خلال الصحافة والعمل الطوعي للإستفادة من خاصية (إطفاء الحرائق) في ميادين الصراع وفي مواقع العمل، وحتى بين علاقات البشر، وداخل البيوت والمكاتب، حيث نحتاج فقط لترطيب الجو، يدعم هذا الإتجاه الكثير من الدراسات في مجال الإدارة الحديثة التي تدور في فلك (مدير القرن) فنجد بين مواصفاته أن يكون (دبلوماسياً) وذلك وسط قائمة من الخصائص التي جربتها الدول المتقدمة وجعلتها أساس اختيار المدير الناجح، تضم القائمة ما يؤكد على معنى أن تكون دبلوماسياً في معالجتك لمشاكل العصرأو حتى مشاكل الأسرة، وحر الصيف وضعف المرتب، وكثرة الظنون، والتربص بالآخرين. خصائص مديرالقرن متفق عليها ولا تختلف عن ما ذكرنا من صفات الدبلوماسى، واقتبس بعضها هنا بتصرف: المصداقية والثقة المتبادلة، مصادر معلومات متعددة، الحكم الصائب على الأمور، عدم الإنسياق للإحباط، التفاعل مع الناس(الأعداء قبل الأصدقاء)، القدرة على التفاوض وتسويق الأفكار، المرونة دون تفريط، كفالة حقوق الآخرين في العمل والرأي، ثم التحلي بالدبلوماسية والقيم الإنسانية، لأنه سيضطر لاتخاذ قرارات صعبة تحتاج للاقناع، فالكلام عن إعادة الهيكلة والمناداة بهيكل رشيق هو من استحقاقات التكنولوجيا ويجر إلى تخفيض العمالة- فإلى أين يذهبون ولهم أسرهم وذكرياتهم وسنين خدمة طويلة وزملاء العمر الأوفياء. كل هذا يتطلب أن يكون المدير حاسماً وإنسانياً أيضاً يراعى قيمة البشر، دبلوماسياً يغلف القرار المر فى (كبسولة) يصرفها وهو يتبسم، حتى يظن من تم إعفاؤه أنه أعيد تعيينه! فهناك معالجات جاهزة لحالته (التكريم اللائق، الضمان الاجتماعي، تمليك المنزل، وظيفة مناسبة فى موقع آخر الخ) تدريب المديرين على المهارات الإنسانية مطروح، وبعض الخبراء رأى أن يكون المدير إختصاصي علم نفس، أو يقوم بمهامه مع أنه مطالب بأن يكون حاسماً كالجراح، لا يتردد فى اتخاذ القرار الصعب، يساعده على ذلك أن يكون مضحياً أيضاً بل مستعداً ليكون( كبش فداء)! فالتغيير وارد بل هو الشيء الوحيد الذى لا يتغير فى عالم تتحكم فيه التكنولوجيا بهدف تغيير الدنيا كلها، وليس شخص بعينه قد يستهدفه قرار الإعفاءكرصاصة طائشة أو من جهة نيران صديقة. فقد الوظيفةً ربما كان قدرياً لندرك رزقاً أوسع قدره الله تعالى فى مكان آخر.. والشيخ محمد متولي الشعراوي كان يتعجب من من تم نقله إلى وظيفة في أسوان، فمضى يشكو الحكومة ومتآمريها، يقول الشيخ الشعراوي لهذا المتظلم: يا أخي.. لم تنقلك الحكومة.. نقلك رزقك.. إنه هناك!.