ومرة أخرى.. إلى علمائنا في هيئة علماء السودان نهدي السلام.. ومازال وقارنا لكم شاهقاً.. واحترامنا لكم شاهداً.. وإجلالنا لكم شاسعاً.. ولكن وفي نفس اللحظة.. ما زالت أسئلتنا.. تملأ كل الفضاء الكون.. ونبدأ بسؤالكم.. وأنتم هيئة.. والهيئة تعني منظومة.. أو مؤسسة ونسأل.. هل تم انتخابكم.. من كل مجموع علماء السودان؟.. وهل هناك رابطة أو وشيجة.. أو مسحة مقاربة.. أو فسحة.. علاقة.. بالمؤتمر الوطني.. وهل أنتم كهيئة تمثلون.. كل ألوان الطيف الذي يلون وجه أرض الوطن المسلم.. الحنيف الإسلام.. العفيف الأخلاق.. الشفيف الخصال.. وبمعنى أدق.. هل فيكم من جاء مفوضاً.. أو ممثلاً لعلماء(أنصار) وهل تتمثل (الصوفية)بعالم بينكم.. وهل هناك عالم(ختمي) أتى محمولاً على رغبات كرام(الختمية).. أقول.. ذلك.. لمعرفتي التامة.. بالحلال والحرام.. وتباين الاتفاق عليه.. من كل ألوان الطيف من مكونات هذا المجتمع.. صحيح أنهم كلهم يستظلون براية الإسلام.. ولكن الحرام يختلف عند الأنصار عمّا يراه الختمية.. ولأكون أكثر دقة.. دعوني أقول: إن هناك علماء يحرمون(المديح) تماماً.. ويذهبون إلى القول بأنه ليس بعد كلمات الله التامات مديح.. ويتلون الآية المطهرة.. من كتاب الله.. (وإنك لعلى خلق عظيم)، وهناك من يحرم (القباب)والضرائح على قبور المشائخ، وهناك من يشد الرحال.. لزيارة ضريح.. أو قبر شيخ مدفون.. وهناك(شيخ أبوزيد محمد حمزة) ذلك الرجل الذي أحترمه كثيراً، وأحبه جزيلاً، قد إستمعت اليه قبل ثلاثين سنة وتزيد، وكنت حينها أتجول في(المولد) المقام في جامع الخليفة التعايشي بأمدرمان.. كان شيخ أبوزيد يتحدث في خيمة صغيرة وفقيرة، ليس بها أكثر من(لمبة) ومكرفون.. كان يخاطب الحضور..عن أخلاق النبي المعصوم.. وأفعاله وأقواله عن الإسلام العظيم.. وكان يأتيه دوي الطبول و(النوبات).. وضربات(الطار).. التي كانت ترج فناء الجامع رجاً.. هنا قال الشيخ:«لو كان سيد هذا الجامع موجوداً..لما تجرأ أحد أن يضرب(نوبة) واحدة».. أرأيتم كيف يختلف الحلال والحرام.. من فئة إلى فئة، ومن جماعة إلى جماعة.. العلماء الأجلاء.. إن الوابل من الفتاوي ينتظر وأنتم أسخى سحبه.. وها هي الانتخابات قد بدأت تطل.. وهاهو المؤتمر الوطني يحشد لها، ويعد لها ما استطاع من عدة، ورباط خيل.. حتماً سيقيم الندوات.. حتماً سيسيّر التظاهرات.. ونحن ننتظر ماذا أنتم فاعلون.. هل تطلقون الفتوى بتحريم المظاهرات.. أم تكيلون بمكيالين.. ثم هاهو الرئيس شخصياً.. سوف يترشح لرئاسة الجهمورية وقطعاً سوف يكون له منافسون.. فإذا فاز أحدهم.. وصار قائداً للسودان.. هل تطلبون منا أن نبايعة قائداً وإماماً.. أم تدعونا نمارس الديمقراطية التي ارتضاها حتى المؤتمر الوطني.. نهجاً وطريقاً ومنهاجاً للحكم.. عندها.. هل تعتبرون (المعارضة).. هي الوجه الآخر من العملة التي لا تصلح العملة إلا بها.. أم تعتبرون المعارضة..حرباً لله ورسوله؟.. سادتي العلماء.. بالله عليكم.. كونوا مثل الأحبة في حزب التحرير.. هؤلاء الفتية الأماجد الذين لا يهدأ لهم بال.. ولا يسكن لهم جسد.. ينتشرون بلا كلل ولا ملل.. في الشوارع والطرقات والندوات.. يمطرون الناس بالمنشورات والشهادة لله.. أنهم يبدون رأيهم في كل حركة أو سكون.. ينتظم الوطن يتحدثون عن الغلاء والماء والكهرباء.. و (معايش) الناس.. يوزعون نشراتهم كل صبح جديد.. بالله كونوا مثلهم.. ودعوكم من تكفير الناس وتحريم نشاط الناس.. إن الله وحده هو الذي يحاسب العباد.. ولكم السلام.