هناك تحديات كثيرة ستجابه حزب المؤتمر الوطني الحاكم يجب الإلتفات اليها منذ الآن، وتقديرها، والعناية بها، والعمل على حلحلتها، ومعالجتها بالتي هي أحسن، كما يجب أن يغير بعض أقطاب الحزب الحاكم من طريقتهم التهكمية في نقد أحزاب المعارضة السودانية، فنحن نعترف ونقر بأن بعض أحزاب المعارضة ضعيفة وهزيلة، وتعبانة كذلك، وتحتاج الدخول الى غرفة انعاش خاصة، لإعادة هيكلتها ثم تأهيلها حتى تتمكن من الإيفاء بدورها الوطني، ومواجهة الحزب الحاكم، ومراقبته، ومحاسبته، والإطاحة به عن طريق الإنتخابات الحرة النزيهة وليس عن طريق الهمجية التي يتحدث بها بعضهم. كما نعترف أيضاً ونقر من أن أحزاب المعارضة هي أحزاب سودانية (ويجب أن تكون كذلك)، خرجت من رحم السودان الممزوجة بدماء ترهاقا، وبعانخي، والمهدي، والسلطان علي دينار، والمك نمر، وود النجومي، وعبد الفضيل الماظ، امتداداً الى أزهري ومولانا السيد علي الميرغني، وعلي عبد الرحمن، والهندي، وزروق، ومحمد أحمد محجوب وبقية العقد الفريد، وقد كانت أحزاب الأمة، والإتحادي، وحزب الشعب، والحزب الشيوعي، وحزب البعث، وبقية الأحزاب الأخري تتبادل الكر والفر فيما بينها، وتحيك المؤمرات ليلاً، ليأتي النهار بحكومة جديدة قلباً وقالباً، وذلك نتيجة لسرعة التموج والتفاعل في المواقف السياسية التي كانت على الساحة، والتي يتم احتضانها وفقاً لمصلحة الحزب، ولا ننسى بأن جميع الأحزاب التي كانت على السطح في ذلك الزمن الأغر، هي أحزاب فاعلة وليست مفعولاً به كما هي الآن . إن الظروف أو النهج السليم دائماً ما يساعد الحزب الحاكم بطريقة أو بأخرى، وذلك لسوء التخطيط لدى معظم أحزاب المعارضة وافتقارهم إلى المهنية الحزبية المقرونة بالدماء الحارة المتجددة.. فالتخطيط السليم لمظاهرة مثلاً ليس معناه أن توزع منشورات أو تنشر على الصحف بأن المعارضة ستخرج غداً في مظاهرة لمناصرة كذا، أو الدفاع عن كذا، ثم تنتظر ليأتيك الناس ذرافات ووحدانا، دون أن تنظمهم أو تعقد لهم الندوات الحزبية، لتشرح لهم أسباب تلك المظاهرة، أو ما آلت اليه الأوضاع في السودان، ثم هناك سؤال بريء تجب الإجابة عليه أيضاً بكل براءة، أين تلك الجماهير التي تعتمد عليها المعارضة في مثل تلك المظاهرات؟ ولماذا لم تخرج؟ إن فشل مثل تلك المظاهرة التي دعت اليها المعارضة بميدان أبو جنزير، والتعليق الذي تم نقله عن السيد نقد زعيم الحزب الشيوعي وأحد أركان المعارضة السودانية- حضرنا ولم نجدكم- كانت بمثابة الضربة القاضية لبعض أحزاب المعارضة، بل وجعلت معظم صحفنا اليومية تأخذ هذا الموقف بنوع من التهكم، ومن أنه يعكس ما آلت اليه تلك الأحزاب من عدم تنظيم وتخطيط وتقدير للمسؤولية، إضافة الي عدم الإلتزام بتنفيذ التعهدات التي بينها وبين بعضها. لقد أرادت بعض أحزاب المعارضة أن تستفيد من التحرك الثوري الذي ظهر في بعض الدول العربية وتنقله الى السودان بغرض إسقاط النظام أو إزعاجه، لذلك ربما دعت الى تلك المظاهرة المزعومة التي لم يكتب لها النجاح، مدعية الوقوف لمساندة تلك الحركات الثورية العربية في كل من تونس ومصر وربما ليبيا، مع أن هناك حزباً يسمى اللجان الثورية داخل منظومة أحزاب المعارضة، لا ندري ما هو موقفه من ليبيا؟ والمعروف أن اللجان الثورية مولودة من رحم ليبيا وليس السودان، ولذلك يرى معظم المحللين بأن الهدف من المظاهرة هو زعزعة الحزب الحاكم وإزعاجه، والعمل على خلخلة بنيته التحتية حتى يسهل إسقاطه، وذلك بالاستفادة من نقل الجماهير الى شوارع الخرطوم، واحتلال بعض الميادين العامة، وتغيير نمط المظاهرة من مظاهرة لتأييد الحركات الثورية في كل من تونس ومصر الى مظاهرة ثورية لإسقاط النظام، هكذا وبكل بساطة يريد الأخوة في بعض أحزاب المعارضة السودانية أن يتم لهم اسقاط النظام الحاكم بمجرد خروج الجماهير الى الشارع لتبارك وتساند ثورتي سوريا ومصر، ألا تتفقون معي بأنها خطة هزيلة لقيام ثورة بديلة؟ ومن هذا المنطلق ونسبة لما آلت إليه بعض أحزابنا السودانية المعارضة من سوء في التنظيم، والإدارة، والتمويل، والمهنية كذلك، إضافة إلى فقدانها للإتجاه الصحيح الذي يقودها إلى تنفيذ الأهداف المنوطة بها، أتقدم باقتراح إلى رئاسة الجمهورية يهدف إلى إنقاذ تلك الأحزاب المتهاوية بإعادة هيكلتها، وترميمها، وإعادة تنظيمها، ثم تمويلها تمويلاً كافياً لتتمكن من العمل السياسي الحر دون تدخل أية جهة كانت داخلياً أو خارجياً، ألا ترون معي ما تنتهجه الحركة الشعبية في منحها لبعض الأحزاب مبالغ مالية تحت مسميات مختلفة، ولا ندري ما في بقية جراب الحاوي، ولكن من الذي يمول حزب اللجان الثورية؟ هذا مجرد سؤال بريء. صدقوني أيها الأخوة أن الشعب السوداني شعب عظيم لا يحتاج إلى من يمده خارجياً من فتات لا يسمن ولا يغني من جوع، ولن تحركه أية جهة خارجية مهما كانت لتنفيذ أجندتها الخاصة، وإذا أراد أن يثور على هذه الحكومة فسوف يفعلها في دقائق معدودة كما فعلها من قبل، ولن يحتاج إلى حزب شيوعي أو لجان ثورية أو حزب بعثي أو ناصري أو حتى إلى ميدان أبو جنزير، ألا تلاحظون معي بأن مسميات تلك الأحزاب ليست من رحم ترهاقا أو بعانخي أو بقية الكوكبة الراشدة، لقد حاولت بعض الأحزاب النزول الى الشارع ولم تجد من يساندها، لأن الجماهير في العادة تساند من يساندها، وتهمل من يهملها.