يبدأ الإعلان التلفزيوني الذي ذاع صيته على قناة النيل الأزرق «عاوزين بامية زي بتاعت أم بارح» ويتواصل الحوار بين ست البيت وأسرتها حتى يتوصولوا إلى سبب الإختلاف مع إن المكونات هي هي إلا الزيت»!! ربما أن التعبير عن ضيق الحال عند السودانيين هو «طلوع الزيت» فيقال فلان طلع زيتنا كناية عن أنه قد بلغ به الضيق كل مبلغ.. وكذلك يقال عن الرشوة «تزييت المفاصل» حتى لا تعصلج الأمور!! وعند زيادة المشاكل يقال صب الزيت على النار والزيت في اللغة «الدهن» من الزيتون أو غيره ويقال لبائع الزيت ومعتصره «زيات» وزتُّ الثريد والطعام أزيته زيتاً فهو مزيت ومزيوت.. عملته بالزيت.. وفي عاميتنا «الفول زيت» إذ لا يصلح إلا به.. والحلة بصل و..... وزات القوم أطعمهم زيتاً أو دهن رؤوسهم بالزيت.. ولما كان الزيت يستخلص «بالعصر» حتى تخرج عصارته فإن التعبير بطلوع الزيت أبلغ من طلوع الروح إذ أن الموت مصيبة لا دواء لها. وبالرجوع إلى اتفاقية السلام الشامل فإن وفود التفاوض «طلعت زيت» مشكلة جنوب السودان وقطتها حته حته وعالجتها برتكول برتكول وكم كان النائب الأول لرئيس الجمهورية «حينذاك» الأستاذ علي عثمان محمد طه.. أستاذاً حكيماً طويل البال إذ لم يترك فئة من مكونات المجتمع السوداني إلا واستدعاها إلى مقر المفاوضات في نيفاشا لتشارك وتطلع عن قرب على سير المفاوضات مخافة أن يقال إن المؤتمر الوطني والحركة الشعبية قد انفردا بالاتفاقية دون الآخرين حتى غدا شيخ الهدية وشيخ البرعي من أصدقاء جون قرنق!! وفتحت الخرطوم ذراعيها لاستقبال المتمردين فجاء وفد المقدمة بقيادة جيمس واني واستضافهم السيد الرئيس على مائدة العشاء ببيت الضيافة وتحدثت أنا إنابة عن وزير رئاسة الجمهورية وقتها اللواء د. الطيب إبراهيم محمد خير الذي لم يكن يخفي تشاؤمه من عقابيل هذه الاتفاقية التي ستقسم السودان وقد صدق حدسه.. ثم عقب جميس واني على كلمتي أمام السيد الرئيس بعربي جوبا فقال: أنا ما بقدر أكلم زي أستاذ دي. لكن اتفاقية سلام شامل بتاع ناس كلو مش حركة براهو ومؤتمر براهو» ثم حكى قصة صياد يصطاد بالفخ الذي ينصبه ليلاً ليجده في الصباح وقد وقعت فيه غزالة أو خنزير برى أو أرنب وذات صباح وجد الفخ وقد اصطاد فيلاً فنادى أهل القرية ليتعاونوا على إخراج الفيل من الفخ فكان الشباب يترنمون وهم يشدون الفيل بالحبال والأسلاك «يا فيل بتاعنا أطلع من الهفرة» الحفرة والصياد يقول «يا فيل بتاعي أطلع من الحفرة» فتوقف الشباب وسألوا الصياد «هو الفيل بتاعنا ولا بتاعك» فقال لهم «الفيل بتاعي أنا» فانصرفوا قائلين «خلاص طلعوا براك» والدلالة أوضح من أن تشرح!! وعندما تغير زيت البامية في اتفاقية السلام الشامل أصبحت «البامية ما ياها» لأن الفيل بتاعنا أصبح بتاع باقان وزير السلام الذي يدق طبول الحرب الاقتصادية والعسكرية!! وأصبحنا ووجه باقان يصابحنا ويماسينا.. فربيب الجيش الأحمر.. وأحد أولاد قرنق هو الذي يريد الإطاحة بسلفاكير الذي يعتبره الخصم الألد لمشروع السودان الجديد ولأفكار قرنق وأطماعه التوسعية لكنه يتذاكى علينا «ونحن أسياد اللعب» ويحاول غسل أمخاخ من يستمعون له بأن الشمال يسعى لقلب حكومة الجنوب طمعاً في ثرواته!! حتى إذا ما وقعت الواقعة واغتيل سلفاكير أو أزيح من السلطة ترفع أصابع الاتهام في وجه الشمال عموماً وفي مواجهة البشير خصوصاً.. فيعرض مكاتبات ووثائق يعود تاريخها إلى العام 2009م وهي مكاتبات روتينية لا يتعدى تأمينها درجات السرية التقليدية في أمن المكاتبات والذي انتقل من الملفات والمكاتب السرية إلى مواقع النت بلا تأمين تقني يقيها من الاختراق والتهكير«فأصبحت في السهلة والمايشتري يتفرج» !! ولا أتهم القيادات العسكرية ولا الحزبية بالأمية الحاسوبية فمكاتبات البنتاجون مخترقة!! وهذه ضريبة التقدم التقني بلا فرامل وحوائط نارية لكبح جماح جرائم المعلوماتية «CYBER CRIMES» وأساليب الحماية. فوثائق باقان غيض من فيض بصرف النظر عن كونها مفركة وهذا وارد بدرجة كبيرة.. لكن الشاهد بأن المواقع الرسمية متاحة لكل من يعرف «الألفباء» في تقنية المعلومات فاعتبروا يا أولى الألباب.. كنت وبعض الشباب قد جهزنا مركزاً لأبحاث ومكافحة جرائم المعلومات وفرنا فيه أحدث التقنيات والأجهزة وجف ريقنا مع وزارة الداخلية ورئاسة الشرطة واتحاد المصارف والنائب العام لتقديم خدمات المركز المتصل بأحدث المراكز النظيرة في العالم ولكن لا حياة لمن تنادي حتى يقع الفاس في الراس ونقول ياريت اللي جرى ما كان!! الآن يعرض علينا باقان أوراقنا ويعدنا بأن يقدم للشمال الدعم اللازم لمجابهة أزمتنا الاقتصادية ويعرض علينا الإسهام في حلحلة أزمة الديون الخارجية «رشوة» للتنازل عن موقفنا في قضية أبيى لنترك المسيرية لقمة سائغة لأولاد أبيى من دينكا أنوك بالحركة الشعبية.. وهم يعلمون لو أننا كتفنا المسيرية من أيديهم وأرجلهم ورميناهم في الشمس وعقرنا خيولهم وثلمنا سيوفهم وقطعنا لسان حكاماتهم لما استطاع قادة الحركة أن يشموا تراب أبيى.. إن مبارزات باقان الفضائية لن تؤثر إلا بقدر أثر الناموسة في أضان الفيل. نحن مع اتفاقية السلام بخيرها وشرها ومع أن المكونات كما هي إلا أن التطيبق والالتزام من جانب الحركة متغير ومتقلب والسبب «الزيت» عشان كدة البامية ما ياها!! وهذا هو المفروض