٭ صديقي الكاتب الأديب والاداري المجرَّب والاقتصادي خريج كلية الاقتصاد جامعة الخرطوم الأستاذ محمد بشر كرم الدين يجلس على مكتبه البسيط الأنيق باطلالته الزاهية على النيل الأزرق الدفاق وخضرة توتي تملأ ناظريه والحسن يحيط به في الطابق الرابع من برج ليبيا «كورنثياً» لا بيت من الشعر.. ولا من الشعر.. كما زعم الأقدمون من الشعراء!! يفتأ يتحفنا بين الفينة والأخرى بمقال رصين حتى خشينا أن يزاحمنا بالمنكبين في «أكل عيشنا»!! وقد تعمد في مقاله الأخير بالصحافة الغراء أن يستعير اسم البروتوكولات الأشهر «بروتوكولات حكماء بني صهيون» فجعل عنوان مقاله بروتوكولات حكماء دارفور. والحكمة ضالة المؤمن.. وأهل دارفور أكثر السودانيين ارتباطاً بالقرآن وأقدمهم معرفة بشؤون الحكم.. وأولهم بناءً لدولة مؤسسات.. وأحرصهم على اختيار أسماء الأنبياء والرسل الواردة في القرآن الكريم لأبنائهم.. وهم أول من كسى الكعبة من أهل افريقيا كلها.. ووحدهم الذين أوقفوا الآبار قرب المدينةالمنورة لسقيا ضيوف الرحمن.. وأسرعهم نصرة لدعوة المهدي وثورته الوطنية.. فمنهم الخليفة عبد الله ود تورشين والسلطان علي دينار والشيخ السحيني والناظر مادبو وغيرهم مما لا يحصيه إلا الذي أحصى كل شيء عدداً. وأهل دارفور أغزر أهل السودان حكمة. ٭ وتستهدى جامعة امريكا «الأشهر» هارفارد.. في سبيل حل النزاعات خارج قاعات المحاكم بمجالس الأجاويد في دارفور والتي يُقضى فيها بكل أمر وفي أي نزاع.. ويمضي قرار الأجاويد كحكم نهائي غير قابل للنقص.. ومُرضي لطرفي الخصومة بل ويشترط حكم الأجاويد التصافي بين الخصمين والعفو والعافية.. وهذا ما لا تستطيعه المحاكم مهما علت درجتها واجتهد قضاتها في احقاق الحق. وامتثال المدان لحكم المحكمة لا يعني بالضرورة «تصالحه» مع غريمه الذي كسب القضية. وهكذا تقدم دارفور أنموذجاً يحتذى في فض النزاعات بآلية أهلية قاعتها «ضل شجرة» وقضاتها ومستشاروها لا يتقاضون أجراً بل وينفقون من جيوبهم للوصول إلى ما يُرضي أطراف النزاع وجبر خواطرهم. ودار الزمان دورته لتصل أزمة دارفور إلى أروقة ما يسمى «بالمجتمع الدولي»!! والذي هو في حقيقة أمره «الادارة الامريكية» والتي يتحكم فيها اليمين المتطرف والصهيونية العالمية ومرجعيتها «بروتوكولات حكماء بني صهيون» بكل القبح والفساد والبشاعة التي أورد طرفاً منها الأستاذ محمد بشر في مقاله الضافي المشار إليه آنفاً... ٭ وُلد مجلس حكماء دارفور من «رحم المعاناة» ضمن منظومة هيئة دارفور الشعبية للحوار والوحدة والمصالحة.. استجابة لأمر الله.. واعتصاماً بحبل الله المتين. واستلهاماً لحضارة أهل دارفور. واتباعاً لنهج الجودية في حل النزاعات. ونبذاً للعنف والاقتتال.. وتعاوناً على البر والتقوى.. وإلتزاماً بوحدة الصف وتقديم المصلحة العامة على المصالح الشخصية الضيِّقة. واختار المجلس رئيساً من بين أعضائه هو الدكتور عبد الحميد موسى كاشا.. وكلهم أخيار وأجاويد وخبراء وعلماء عاملين.. وان كانت هناك ثمة اضافة نضيفها لهذا المجلس هو تكوين «مجلس أصدقاء حكماء دارفور» من المحبين لدارفور.. العارفين لفضلها وسبقها.. الكارهين لكل مكروه يصيبها.. ونصف رأيك عند أخيك. وأصدقاء دارفور من غير أهل دارفور و«أنا منهم» قد لا يجدون في أنفسهم أي ميل لمكون دون مكوِّن ولا لقبيلة دون قبيلة من قبائل ومكوِّنات دارفور وبهذا سيكونون اضافة لهذا الحراك الشعبي وسنداً له في كل ولايات السودان لا ولايات دارفور الخمس وحدها.. ولا يُعقل أن يكون لدارفور «أصدقاء مزعومين» من المنظمات الكنسية.. والمحافل الماسونية.. والجمعيات اليهودية.. وهي الخالصة للمسلمين لا تنازعهم فيها ديانة ولا تطغى عليهم مذهبية.. دينهم الاسلام ووطنهم السودان. ومن غير اللائق أن تقف الجهود الشعبية مكتوفة الأيدي تاركة للجهات الرسمية واللافتات الحزبية الساحة الدارفورية.. حتى ليبدو أن الأجانب أصحاب الأجندة الشريرة والأطماع المادية أرَّق أكباداً وألين قلوباً على أهل دارفور والذين هم أهلنا وعشيرتنا وأشقاؤنا في الدين والوطن لهم ما لنا وعليهم ما علينا. فنحن أولى بدارفور منهم. ٭ نريد لمجلس حكماء دارفور أن يتصف «بالمرونة» في أدائه لأعماله.. وإنشاء فروعه.. وتشكيل لجانه.. وتصعيد أعضائه.. وعقد مؤتمراته.. بكل يُسر وسهولة بلا تعقيدات بروتوكولية.. ولوائح بيروقراطية.. وليكن شعاره «تتساوى دماؤنا.. ويسعى بذمتنا أدنانا.. ونحن يد على من سوانا..» ويلتزم رئيس وأعضاء المجلس بما تواثقوا عليه وأبرموه.. ثم بعد ذلك يُقدمون فرادى وجماعات.. «لجان مصغرة ومفوضة» بالتبشير وتنسيق الجهود مع جهود الدولة «السلطة المركزية أو الاقليمية» أو الجهود الشعبية الأخرى في تناغم تام يصل إلى الأهداف بأقصر الطرق وأقل التكلفة. ٭ وشكراً للأستاذ محمد بشر كرم الدين وندعوه إلى مواصلة هذا العمل الهادئ «كطبعِهِ» الهادف إلى مرامي السلام ومراقي العزة والسؤدد. ويد الله مع الجماعة. ٭ اعتاد صياد على الصيد «بالفخ» فيظفر بصيد صغير أرنب أو غزال.. لكنه وجد ذات يوم فيلاً قد وقع في الفخ فاستنفر «شباب الحلة» ليخرجوا الفيل من «الحفرة» فربطوه بالحبال والأسلاك وغيرها وبدأوا يجرونه وهم يرددون في تناغم «يا الفيل بتاعنا أطلع من الحفرة» لكن الصيَّاد كان يقول معهم «يا الفيل بتاعي أطلع من الحفرة!!» فتوقف الشباب عن «الجر» وسألوا الصياد «هو الفيل ده بتاعنا ولا بتاعك؟» فقال لهم «الفيل بتاعي أنا» فانصرفوا عنه وهم يقولون «خلاص طلِّعوا براك»!! وهذا هو المفروض