الخبير الإعلامي والمذيع الرقم حمدي بدر الدين أسم رنان، سطع نجمه منذ فترة طويلة وأصبح يردد على كل لسان خاصة بعد تقديمه لسلسلة حلقات برنامجه المميز (فرسان في الميدان)، عمل فترة طويلة خارج البلاد أكسبته خبرات متعددة، عانى في الفترات الأخيرة من ويلات المرض.. (آخر لحظة) سجلت له زيارة في منزله بالمقرن لتطمئن على حالته الصحية، ولكنه خرج عن صمته وعبر عن رأيه بكل صراحة وشجاعة في العمل الإذاعي والتلفزيوني وأداء المذيعين.. فكانت هذه الحصيلة:- حمدي في كلمات؟ - حمدي بدر الدين، أعطيت من عمري (50) عاماً في خدمة الإعلام، وقبل الإعلام عملت معلماً بالمدارس الثانوية لفترة قصيرة لكنها كانت من أغنى فترات حياتي، وبصراحة وجدت نفسي في كلا الوظيفتين، ولم أندم ولو للحظة عن فترة عطائي الطويلة لأن العطاء هو شيء جميل، ورغم كبر سني فمازلت قادراً على العطاء حتى يستفيد الجيل الجديد من خبراتي لأنني انتقلت من الإعلام الداخلي لمختلف دول العالم المتقدمة. كيف كانت بداية دخولك للعمل الإذاعي والتلفزيوني؟ - دراستي الثانوية كانت بالمدارس المصرية التي تهتم بالعمل الإذاعي جداً عبر الإذاعة المدرسية التي كنت أشارك فيها وشجعني الأساتذة في تلك الفترة حتى اكتشفت موهبتي، ودخلت الإذاعة بالصدفة عبر إعلان لطلب مذيعين، فتقدمت واجتزت كل الاختبارات وبدأت العمل في الإذاعة عام 1958م، وفي بداية الستينيات تم ابتعاثي لأمريكا لدراسة الإعلام الجماهيري وكان وقتها بداية فكرة إنشاء التلفزيون السوداني فتم تحويلي لدراسة السينما، وعدت للبلاد عام 1962م وتم اختياري مع عدد من الزملاء للعمل بالتلفزيون، وكانت هذه بداية علاقتي به. حدثنا عن رحلتك الطويلة مع المرض وآلالام؟ - أصبت بنزيف في المخ عام 1998م وكنت وقتها في أمريكا وأجريت لي عملية جراحية ونجحت، وبعد عودتي للسودان عام 2001م أرهقت نفسي بالعمل والحركة الكثيرة بالإضافة للسفريات، ونتيجة لذلك انفجرت بعض شرايين المخ، وخضعت للعلاج بمستشفى السلاح الطبي واتضح خلاله ارتفاع الضغط بصورة كبيرة ونتج عن ذلك بطء الحركة في جانبي الشمال بأكمله، والآن أخضع لجلسات علاج طبيعي. ألم تقدم لك أي مساعدات في هذه الفترة؟ - أولاً أسمح لي بأن أتقدم بالشكر للأستاذ علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية الذي لم يغفل عني ولو للحظة واحدة وقدم لي الكثير من المساعدات، وكذلك الأستاذ محمد حاتم سليمان أسهم لحد ما في علاجي هو والأستاذ عبد الدائم الخطيب، ولكن ما أحزنني تجاهل المسؤولين لي ولم يشرفوني بالزيارة ولم يهتموا بي فلم أقل لأحد منهم أدفع لي مصاريف العلاج أو السفر فأنا أريد زيارتهم لي فقط ليس إلا. ألم يقدم لك صندوق دعم المبدعين أي مساعدات؟ - لا يوجد ما يسمى بصندوق دعم المبدعين وهذا ليس رأيي لوحدي وانت تعلم ذلك جيداً يا عبد الرحمن، وبصراحة هذا الصندوق به خلل كبير نتيجة لعدم وجود مجلس فيه يضع الخطط ويبحث عن المبدعين وتوصيفهم حتى لا يصبح الصندوق عبارة عن يافطة فقط، وبصراحة أكثر ليس له أي وجود في الساحة لذلك يجب أن تختار له شخصيات قومية محترمة مثل البروفسير علي شمو راعي الإبداع. قدمت العديد من البرامج والسهرات المختلفة ولكن برنامج (فرسان في الميدان) كان الأميز والأرسخ في الاذهان حتى الآن؟ - أولاً يا عبد الرحمن لاحظ الإسم (فرسان في الميدان) فهذا الإسم ليس من فراغ، فنحن نقدم العديد من الفرسان للتنافس في شتى ضروب العلم والمعرفة والثقافة والشعر والغناء، وكان الميدان فسيح كله إبداع وجمال. واقع الإذاعة والتلفزيون السوداني الآن بعيون حمدي بدر الدين؟ - أنا لا أحب أن أظلم الشباب من الجيل الجديد لأنهم تعلموا أكاديمياً وتخرجوا من كليات الإعلام، ولكن عطاءهم ضعيف جداً لافتقارهم للخبرة التي تأتي بالتدريب والمتابعة باستمرار بالإلمام بالثورة الكبيرة في مجال التكنولوجيا والدخول فيها حتى يبدعوا، ولكن هنالك شباب أصحاب عطاء لا بأس به ولكنهم محتاجين للقليل من التوجيه. مستوى البرامج الآن في الإذاعة والتلفزيون.. هل هو أفضل مما كان عليه في السابق أم العكس؟ - للإسف الشديد التطور الكبير في التقنيات الحديثة لم يواكبه تقدم في البرامج فهي لا تتناسب مع التقدم الهائل في التكنولوجيا وهذا خلل كبير يجب تداركه بالتعرف على امكانات التكنولوجيا حتى يبدعوا بإيجاد أنماط جديدة من البرامج تتفق مع هذا التطور. تتشابه البرامج في القنوات والإذاعات لدرجة بعيدة، هل نستطيع أن نقول إن هناك مشكلة في الأفكار والخلق البرامجي؟ نعم هنالك مشكلة كبيرة فعروض القنوات والإذاعات متشابهة، وهذا يرجع لعدم تحديد أهداف هذه القنوات عند إنشائها، فمثلاً هناك قناة اسمها (زول) فما معنى هذا الإسم؟ ماهو هدفها؟ والزول ده منو؟.. فعندما أشاهدها لا أجد فيها مادة تستحق المشاهدة وقس على ذلك بقية القنوات، ولكن قناة الشروق نجحت لدرجة كبيرة في إثبات شخصيتها ولكن ماهي رسالتها فاحياناً يقولون ثقافية أو اجتماعية وغيره وكل هذا (جوطة) ساكت، فيجب تحديد الهدف والتخصص، وأعتقدأن اسم قناة (قوون) غير موفق حسب رأيي وهو غير مفهوم، وخرجت من تخصصها الرياضي وتعرض برامج بعيدة جداً عن ذلك وهذا خلل كبير. إزدياد عدد القنوات والإذاعات في الفترات الأخيرة.. هل شكلت إضافة أم كانت خصماً؟ - رد بسرعة.. لم تشكل إضافة «ولا يحزنون»، فبعض إذاعات ال F.M التي خرجت ..هل تريد أن تضحك على الناس؟ فليس لديها أي هدف واضح وكلها لخبطة لا تفيد الناس في شيء، وأستغرب جداً لها فقد قامت هذه الإذاعات مثل النبت الشيطاني، وبصراحة البلد دي منكوبة يا أبني يا عبد الرحمن فالناس لو عايزة قروش تجري تعمل فضائيات وأذاعات دون تقديم هدف أو رسالة، رغم أن لدينا علماء في مجال الإعلام في السودان منهم إسماعيل طه والبروفيسور علي شمو وغيرهم، وأنا شخصياً اثق تمام الثقة بأنني عالم وخبير إعلامي ولا أزكي نفسي فعندما ذهبت لأمريكا المتقدمة كنت أعتبر عالماً في الإعلام وتتم معاملتي على هذا الإساس، فلماذا لا تشاورنا إدارات هذه القنوات والإذاعات حتى يرتقي أداؤها، فاحياناً استمع لها وأشاهدها ولا أسمع سوى كلام فارغ ولا يفيد وده كلام غريب، فالإذاعات تفتح هواتفها في مواضيع هايفة، وبصراحة شديدة الإذاعات والقنوات المحلية تقدم شمار وملوخية ولبن وتمر هندي في شكل برامج ده كلام عجيب جداً، ولا ننسى بهدلة وتدمير اللغة العربية من قبل بعض المذيعين الجدد وإساءتهم لها (وشاتوها بالشلوت)، وكما قلت سابقاً هذه الإذاعات مؤذية وهي نكبة. بصراحة شديدة.. ماهو رايك في أداء المذيعين والمذيعات الجدد؟ - الفن الإذاعي أشكال وألوان، والخلل الآن يكمن في الأداء الحواري فنحن لا نعرف حتى كيف تدار البرامج الحوارية ونديرها حتى الآن بالسؤال والاجابة (س - ج)، وأخطر مافي ذلك هو مقاطعة المذيعين للضيوف قبل أن يكملوا حديثهم بصورة سخيفة بمعنى يشب المذيع للضيف في حلقه ليفرض ثقافته، وحقيقة هذا يغضبني كثيراً فثقافة الحوار غير متوفرة في الإذاعة والتلفزيون، وحتى طريقة عرض الأسئلة تتم بطريقة سخيفة ومملة جداً. بواقع خبراتك الطويلة في العمل الإعلامي.. كيف ننقل قنواتنا المحلية للعالمية؟ - أولاً لابد من تحديد الهدف لأي إذاعة أو فضائية، ويتم تجويد رسالتها بالصورة المثلى حتى نخرج للعالم، وإذا لم يحدث ذلك واستمر الوضع على ماهو عليه الآن فليس أمامنا سوى أن (ننطط في الداخل فقط). حلقة قدمتها ومازالت عالقة في الذاكرة حتى الآن؟ - كل حلقات برنامج (فرسان في الميدان) فكل حلقة فيه مجددة ومتفردة عن سابقتها، وكنت معجب جداً ببرامج المسابقات لوجود الإثارة والتشويق فيها ويتعلم منها الناس. أخيراً ماذا تود أن تقول؟ - أتقدم بالشكر لصحيفة (آخر لحظة) الغراء على اجراء هذا الحوار ولك تحية خاصة مني يا أبني يا عبد الرحمن، وأتمنى أن لا يتم فهم حديثي هذا بصورة خاطئة فنحن نهدف للمصلحة العامة.