قرار الاتحاد العام لكرة القدم بمنع الجمهور من حضور المباراة بين الهلال والمريخ في الاسبوع الثامن للدوري الممتاز، على خلفية الأحداث التي صاحبت مباراة القمة في نهائي كأس السودان في الموسم المنصرم.. قرار حكيم وسليم وأظنه رداع.. حيث وصل التعصب الأعمي بالجمهور إلى إساءة وتجريح لاعبي وإداري الفريق الخصم!. فالرياضة لم تكن يوماً معتركاً لتصفية الحسابات، وهتك العروض والمجاهرة بالسباب.. وإظهار العيوب!.. وما من رياضة في العالم تستحوذ على الاهتمام والشغف والتشجيع أكثر من كرة القدم، والسودان لا يخرج عن هذا الإطار.. لازلت أذكر.. كيف أن منزلنا كان يفور.. ويمور بالتعليقات.. والتكهنات والمغالطات قبل (أي مباراة هلال مريخ)، حيث كان نصف أهل المنزل (يبحثون عن البدر ليكتمل) والنصف الآخر (يستدلون بالنجوم لكشف الطالع)..!. وحين يعود أخوتي من الأستاد... فالمهزوم يرفض العشاء أو التحدث.. ولا يتركه البقية في حاله.. مما يجعله (يفش غلوه في البنات).. وفي ذات يوم حضر أخي بعد هزيمة فريقه والدموع تكاد تطفر من عينيه.. بعد أن أشبعه أخوتي تريقة وتعليق.. فطلب مني إحضار شيء ما.. أحضرته على جناح السرعة.. خوفاً من غضبته فانفجر ساخطاً.. (أنا ماقلت عايز كده.. عايز كده..) فهمهمت بصوت نصف مسموع (أنا قلت لفلان يجيب فيكم قون).. وكادت تحدث مجذرة لولا أن تدخل الوالد رحمه الله.. وحماني (فقط لأنه كان يدين بديدني). الرياضة وسيلة ترفيهية وصحية.. وعلامة من علاقات رقي وتطور الأمم.. والتشجيع والحب لم يكن مدعاة للإساءة والظلم.. أو شدة الانفعال، فكم من متعصب أعمى.. مات بالسكته فرحاً أو حزناً.. وكم ممن يعتبر الهزيمة أو النصر نهاية الدنيا فيطلق زوجته.. أو يصب جام غضبه على من يعترضه أو يلتقيه.. إن الحياة لا تتوقف عند نصر أو خسارة.. والحياة كلها إلى زوال. على رؤساء الأندية جمع وحشد الجماهير في لقاء شهري لالقاء محاضرات عن طريق متخصصين في كيفية دعم الفريق بطريقة راقية بعيداً عن التعصب والأسفاف!. زاوية أخيرة: تزوج رجل على زوجته وحضرت الجودية من كل حدب وصوب، لمنعها من طلب الطلاق.. وقالوا.. (خلي أخلاقك رياضية..) ابتسمت وقدمت القهوة.. أحتسى زوجها الفنجان فرحاً بروحها الرياضية.. قبل أن تسلمه المشرحة لذويه جثة جراء الصبغة القاتلة..