رحلة قانون الاستفتاء بين الشريكين تعكس إلى مدى كبير بؤس اللعبة السياسية بين شريكي الحكم «المؤتمر الوطني والحركة الشعبية»فالاثنان يقفان في «النقطة الخطأ» وهذه المرة خطأ الوطني أكثر فداحة!! فالمؤتمر الوطني وللأسف الشديد ظل يُقدّم التنازلات تلو التنازلات حتى وصلنا لهذه المرحلة الحرجة التي تعيشها البلاد من عدم استقرار وتجاذب سياسي لا نعرف متى تنتهى أستار ليله. {التنازلات كلها ليست أمراً «بشعاً» وبعضها أكسب المؤتمر الوطني نقاطاً سياسية يمكن إصافتها لسجله في الدوري السياسي السوداني- وهو دوري ليس بالممتاز - وجعلته يقترب كثيراً من مناطق «الوسطية» والاعتدال والديناميكية والحيوية وكلها من مطلوبات الحياة لأي حزب سياسي يتطلع للاستمرارية والنمو ولكنه للأسف لا يكمل الشوط لنهايته وربما ترجع المسألة للعبة الأوزان و«التيارات» داخله، وهو هنا كأنه المقصود بأغنية الراحل خلف الله حمد «أمشي وأجيهو راجع» أو هو أقرب للمثل الشعبي العنيف الذي يقول (أكل الفطيسة بالشوكة) أي هو (ماكلها.. ماكلها) رغم «عفونتها» ولكنه يخدع نفسه بأكلها تدريجياً وعلى مراحل صغيرة بشوكة«الشجرة»وليس باليد ولكن المحصلة النهائية واحدة هي أكل الفطيسة وهذا ما يفعله بالضبط المؤتمر الوطني فقد استنفر فريقه العامل كل المناورات والنتيجة ماثلة الآن في صورة حزب يتشدد ثم يتنازل ويرضى في النهاية بالأمر الواقع وفي هذا خسارة سياسية له وللوطن الذي يحكمه وليس في كل مرة تسلم(الجرة) حتماً في إحدى المرات ستنكسر وينزلق الماء على الأرض التي سرعان ما تمتصه في ثوان إلى داخل أعماقها السحيقة!! يجب أن يسأل المؤتمر الوطني نفسه بأمانة لماذا قام فريقه البرلماني بإدخال يده في القانون بعد أن جاء من القصر ومجلس الوزراء وإلى أي مدى نجح أو أخفق في هذه المرحلة.! أما الشريك الثاني«الحركة الشعبية»فيبدو أنه وضع في أذنيه طينة وعجينة ولا يريد أن يستمع للصوت العاقل الذي يريده حزباً قومياًً لا انكفائياً يتحدث باسم الجنوب يتشنج حد الاغماء عندما يتعلق الأمر بالجنوب ويقبل التنازل طواعية في القضايا القومية وهذا ما لا تريد ان تفهمه أحزاب المعارضة التي هي لا تخرج من الوصف الشعبي تمامة «الجرتق».