قبل ثلاثة أشهر اتخذت الحكومة حزمة من القرارات والموجهات لمواجهة الإرتفاع المتصاعد فى أسعار بيع زيوت الطعام وكان من ضمن هذه القرارات إعفاء المواد الخام المستوردة من بعض الرسوم واحتجت حينها غرفة الزيوت على هذه الاجراءات حماية للمنتج المحلي وتناولنا الأمر فى هذه الزاوية مفندين الاحتجاج مطالبين الحكومة ألا ترهن السلعة التى لاغنى عنها للاستهلاك من قبل جميع طبقات المجتمع لدعاوي حماية المنتج المحلى عندما يفشل الانتاج المحلي فى تلبية حاجات الناس وبالأسعار المناسبة. بعد مرور ثلاثة أشهر على المعالجات الحكومية لانتاج زيوت الطعام لم تنخفض أسعار زيوت الطعام إلا ثلاثة جنيهات للقارورة سعة 4.5 لتر إذ تباع حالياً بمبلغ 37 جنيهاً وكان سعرها قبل اتخاذ الحكومة لقراراتها 40 جنيهاً فهل كل تلك الاجراءات التى اتخذت والضجة الإعلامية التى صاحبتها عائدها على المستهلك ثلاثة جنيهات فقط. وبعيداً عن إتهام أى جهة بعرقلة إنفاذ القرارات الحكومية أو الإتهام بنكوص الحكومة عن قراراتها أو أن هناك قوى توازي الحكومة وتعارض أى قرارات تضر بمصالحها أتوجه الى مختصين فى الشأن الإقتصادي وتسعير السلعة لبيان أثر قرارات الحكومة لمعالجة ارتفاع أسعار زيوت الطعام على سعر البيع للمستهلك هل بالفعل هى أقل من سبعين قرشاً للتر الواحد وهل هذه هى المعالجة التى كانت تتوق إليها الحكومة ويتطلع إليها المواطنون . ونعود الى أصل قضية الزيوت وزراعة الحبوب المنتجة للزيوت فى بلد كالسودان يزرع فيه السمسم وزهرة الشمس والذرة الشامي والفول السوداني وتستخرج ألاف الأطنان بذرة من القطن ويكون سعر لتر الزيت فيه قرابة التسعة جنيهات وفى بلاد يعز فيها مياه الشرب إلا بمعالجات وتحلية تصدر لنا زيوتاً سعر بيع اللتر أقل من بلد ال200 مليون فدان صالحة للزراعة وبمياه تجرى على الأرض وفى باطنها لاتنضب كل العام. فى الخرطوم وحدها 16 مصنعاً لانتاج زيوت الطعام وبطاقة 259 ألف طن سنوياً وفى ولاية الجزيرة 13 مصنعاً بطاقة 197 ألف طن سنوياً وفى شمال كردفان وكذلك الولايات الوسطى ورغم ذلك نستورد الزيوت من السعودية والامارات ومصر وبلاد الشام وماليزيا وصناعة الزيوت ليست من الصناعات التى تحتاج الى تقنيات متقدمة . متى بدأ السودان يستورد الزيوت؟ وفى الذاكرة صفيحة الزيت الشهيرة التى كانت تحمل زيوت أم روابة والابيض والخرطوم وكوستي أظن أن السودان حتى نهاية السبعينيات الماضية لم يكن يعرف إستيراد الزيوت لأن الصفيحة كانت سيدة الموقف فى تلك العقود .