كفكرة ما في أحسن منها،.. لكن تجربتها كانت (مغصة)، بدليل يوم أعلن والي الخرطوم حلها كانت الفرحة زي فرحة التونسيين والمصريين بإزاحة نظاميهما.. أي شخص أو نظام يذهب ولا تجد له بواكٍ ما تتعب وتنقب له عن حسنات، حتي ولو من باب اذكروا محاسن موتاكم.. لجان الندامة اللا أغاثت ملهوف ومآسي الخريف تشهد: تحاصر المياه بيوت الغلابا، فيستغيثون ولا يُغاثون، حتى من باب فليسعد النطق إن لم يسعد الحال- في وقفة مواساة ساكت- لا تجد لها موقعاً من الإعراب، و يا والي الخرطوم تستغرب وتشتكي من تزايد أعداد بائعات الشاي والأطعمة؟! هؤلاء الشريفات لم يُخرجهن من بيوتهن إلا الشديد القوي: العوز وعدم السند، في زمان تخلى فيه كثير من الرجال عن القوامة!! لكن هؤلاء النسوة يكاد يكون نصفهن أجنبيات جئن ينشدن فرص عمل في المنازل، ولما دخلن هذه الوكالة (المن غير بواب) وجدن سوق بيع الشاي والأطعمة رائجاً، في أي ركن وتحت أي شجرة وتحت أي ضل حيطة محلية أو وزارة، بدون رقيب ولا حسيب، غيرن اتجاههن مع العلم أنه في بلادهن ما في واحدة تقدر ترص ليها بنابر أو كراسي في الشارع، وتتمتع بالفوضى المتمتعة بيها هنا في بلد اللجان الشعبية!! فلو كان هناك لجان شعبية حقيقية لما كان الحال يتطلب منك مثل هذه الشكوى يا والينا المُبتلى!! لجاناً لم تكفكف دمعة وصوت نحيب الأمَّنوها ليه- فايت قعر أضانها- يقطِّع القلوب ويهرد الأكباد، ولا بتتلقي عند الملمات، إلا ملمات الرياء والشوفوني يا المسؤولين الكبار، فعلاقتها الوحيدة مع المواطن هي استخراج شهادة السكن، أما صورتها الذهنية لدى المواطن: فبتاع اللجنة الشعبية حرامي ونهاب وبتاع مأكلة، فهو لا يتورع أبداً من وصمه بهذه الصفات الجرمية دون أدنى وجل، من قاعدة إن بعض الظن إثمٌ فاجتبوه، وأما الصورة الذهنية للمواطن لدى بتاع اللجنة الشعبية فهو عدو ومتربص وعندو أجندة!! بذمتكم هل مثل هذه العلاقة ممكن تُجنى من ورائها ثمرة؟؟! ليه وصل الحال والمآل إلى هذا الدرك الأسفل، على الرغم من الهدف النبيل الذي كان من وراء إقرار تطبيق فكرة اللجان الشعبية ككيان خدمي شعبي في متناول يد المواطن.. لقد شهدت تفاصيل قيام هذه اللجان من الألف إلى الياء، وإن أنسى لا أنسى حضور الأخ رئيس الجمهورية لعدد مقدر من المؤتمرات القاعدية في الأحياء الوسطية والطرفية لولاية الخرطوم- خلال النصف الأول لحقبة التسعينات- يستمع إلى حوار المواطنين في الهواء الطلق. فيتم اختيار اللجان الشعبية في معظمها بالوفاق، وهناك من تمرد على القوائم المطبوخة وجاب لجنته عبر صناديق الإقتراع، وكان هناك وما زال أُناس لهم القدرة على الإيحاء للحاضرين بأن التوجيهات العليا أن تمر القائمة بدون (بِغم) الآن أيضاً الطباخون يطبخون. المهم في بداية المؤتمر كان الرئيس يشدد في خطابه قائلاً: سلمتكم هؤلاء المواطنين أمانة، أنتم الأقرب لهم البتعرفوا الجعان والمرضان والمحتاج والمظلوم.. لا أستطيع أن أحيط بظروف أكثر من خمسة وعشرين مليون سوداني كلٌ على حده (آنذاك طبعاً)، وعشان ما يجوا يقيفوا بعدين أمام الحق عزَّ وجلَّ ليشكوني: يا رب إني فوضت هؤلاء وسلمتهم هذه الأمانة مسؤولين عنها أمامك يوم الموقف العظيم.. إنها أمانة جسيمة علقها لهم الرئيس في أعناقهم، ولكن التكالب والتهافت عليها كانا سيدا الموقف، ثم تأتي بعد الإختيار مرحلة أداء اليمين على أن تُؤدى بحقها. فالسؤال: هل أدوها بحقها فعلاً؟ فهو موجه لهم وخاصة أولئك الذين تحدثهم أنفسهم لأن يخوضوا التجربة مرة أخرى. أما الرئيس فتظل الأمانة في عنقه لأن من فوضتهم قد فرطوا في الأمانة شر تفريط، ودونك ما تطالعه من مآسي المواطن مع المحليات في الصحف يومياً، التي أصبحت ملاذ الناس ومنبرهم لعرض حالهم عليك، إذن تكفلت الصحافة بإحاطتكم بواقع حال رعيتكم فهي أصدق إنباءً من التقارير المزورة ..الآن عهد جديد يختط طريقه الوالي الصادق الخضر، نتمنى أن يحقق طموحاتكم والمواطن في لجان شعبية حبيبة وقريبة للمواطن.. كمان ما تحملوها أمانة جسيمة زي دي بدون امكانيات ومقومات انجاز، التي من أهمها: المقر، والميزانية التي تغطي البرامج والتفرغ الكامل للضباط الثلاثة على الأقل، الذين يجب أن يُختاروا بمعايير دقيقة دي مسؤولية المواطن بقى.. أما إذا تركتوا الحال على ما كان عليه في السابق لا سلطة ولا ثروة، وجيتوا تحدثونا عن لجان شعبية ألقيتموها في اليم مكتوفة، وقلتم لها إياكِ إياكِ أن تبتلي بالماء فبتكونوا جنيتوا على المواطن، معظم سلطات وميزانيات هذه المحليات أدوها اللجان، فالمحليات أبعد ما تكون عن هموم المواطن، قُصر الكلام: بشوية تدريب وتأهيل بعد الإختيار الصحيح سنصل إلى لجان شعبية يمكن الإعتماد عليها، المواطن هو الأقدر على إدارة شؤونه، فالجمرة بتحرق الواطيها.. فلستوب.