اللجان الشعبية هذه الأيام، جنس معارك وصراعات لو علمت بها قناة الجزيرة وأخواتها لوجهن بثهن المباشر إلى أمسيات أحياء الخرطوم: المدارس تحولت إلى ميادين عراك حامية، كل فريق أعد لها ما استطاع من قوة، أنقلكم عبر السطور التالية إلى ساحة معركة حامية الوطيس، شهدتُ كرًّها وفرَّها أمسية الجمعة الماضية ميدانها مدرسة حليمة السعدية بحي الشقلة وسط بمنطقة الحاج يوسف، منذ أن نشرت المحلية جداول انعقاد المؤتمرات القاعدية لاختيار العضوية الجديدة للجان الشعبية، خلاص الشايلة الناس ما شالت الطامعين والطامحين، للجلوس على ذلك العرش الرفيع (التهافت والتكالب بقول كده) . إجتماعات طويلة للتآمر وإعداد القوائم وحبك الخطط لقفل الطريق أمام الآخر بالضبة والمفتاح، المواطن كل حيلته وقدرته: الله يولي من يصلح ويخدم، علمتُ أن هناك قائمة أُعدت في منزل رئيس اللجنة الشعبية المحلولة الذي عاد لتوه من رحلة علاجه، فذهبنا إليه مهنئين بنجاح عملية زراعة الكلية ومستفسرين عن خطوات الإعداد للمؤتمر، ووجدنا قائمة مقترحة لعرضها أمام المؤتمر كترشيح مبدئي قالوا: منتقاة من المربعات لضمان عدالة توزيع الفرص(وأهل المربعات طبعاً أدرى بمن يمثلهم إذا تُرك لهم الأمر دون وصاية وكلفتة)- اللستة في مجملها لا غبار عليها، فقط اعترضت على شخص واحد من مربعاتنا، باعتبار أنه لم يقدم للمربع أي خدمة عندما كان عضواً في لجنة سابقة، بل قام بقفل مسار تصريف مياه الأمطار، الذي يمر من أمام منزله إلى الميدان الكبير بذلك الحي الذي عانى بسطاؤه جراء هذا التصرف، من ويلات محاصرة مياه الأمطار لبيوتهم، فمنهم من إنهدَّ مرحاضه الذي أقامه بشق الأنفس، ومنهم من انهارت حيطه، ومنهم من عاش مرابطاً لصد هجمات المياه، بكل ما أوتي من قوة عضل ونفس مساهر الليالي(يخفج في الطين يردم ويغرف)، أضف إلى ذلك كبر سنه وظروفه الصحية التي يعلمها كل أهل الحي. المهم نهار الخميس وعصره كانت عربة الإعلان للمؤتمر تجوب الحي، وجاء اليوم الموعود وجاءت البصات(تلقط) المواطنين من أمام منازلهم للذهاب بهم إلى ميدان المعركة، وكان التفاعل كبيراً خاصة من المرأة، وصلنا إلى موقع المؤتمر الذي كان يموج بالحشود. الكراسي، والموية الباردة في متناول الجميع، القوائم في حالة اصطياد من كل حدب وصوب، الجو في أقصى درجات الإحتقان كل فريق يحس بأن الفوز بالنسبة له اليوم مسألة حياة أو موت: العكاكيز، والسكاكين في الضرعات، والتهديد والوعيد تحت تحت.. الحمد لله ولحكمة إلهية معدو المؤتمر فات عليهم أن يجهزوا أجهزة الصوت البخاطبوا بيها المؤتمرين (عجز القادرين على التمام)، أما القشة التي قصمت ظهر البعير عندما وقف نائب رئيس اللجنة المحلولة ليطالب المواطنين المنضمين لهذا المؤتمر من سكان منطقتي الشقلة شمال وعد بابكر، أن ينفرزوا من مواطني الشقلة وسط أعضاء المؤتمر في ناحية حددها لهم كمراقبين وضيوف مرحب بهم (أضبط تزوير.. إحدى المجموعات انكشف ورقها البايظ!!) بعد داك عينكم ما تشوف إلا النور: هرج ومرج وتدافع بالأيدي، والموقف أصبح على شفا حفرة من الإنفجار، الذي لا تحمد عقباه، وهنا أشيد بذلك الضابط الإداري الحكيم رئيس الجنة الفنية، الذي صعد على المنصة، وبعد جهد جهيد تمكن من تهدية الموقف، ثم أعلن تأجيل المؤتمر لعدم الإعداد الجيد ليتنفس الناس الصعداء، ويخرجون فراراً بجلودهم من ساحة المعركة، ولسانهم يلهج بالشكر لله الذي أخرجهم سالمين، ومذهولين في ذات الوقت من هذا التكالب، وفي بال كل منهم سؤال: هل المعركة دي كلها من أجل خدمتنا ياربي، وللا من أجل حاجات تانية حامياني؟؟!! أما أصحاب القوائم والنفوس المحتقنة، لولا الحجازين وشرطة النجدة لأصبحوا مينشيتات وعناوين أخبار رئيسية للصحف والفضائيات، الحمد لله قدر ولطف، والأغرب والأعجب أن القوائم المقدمة التي قيل ثلاث وقيل أربع، ولا يعلم عددها إلا الله والذين أعدوها كلها من منسوبي المؤتمر الوطني، وهذا له مدلولان: الأول أن المواطنين بذلك الحي لهم آمال معقودة على المؤتمر الوطني، وهنا يجب على هذا الحزب أن يكون في مستوى حسن ظن هؤلاء المواطنين، وأن يستثمر هذه الثقة لمصلحتهم ومصلحته، وهذا ممكن جداً وساهل جداً ومعبره اللجنة الشعبية القادمة، إن أُحسن انتقاؤها.. أما المدلول الثاني هو أن الصراعات والشقاقات قد بلغت مبلغاً يجب التحرك فوراً ومن أعلى مستوى في قيادة الحزب لتداركها، ويبقى السؤال: يا (الوالي) ويا (المعتمدين)، أمر اختيار اللجان الشعبية واجهتكم وممثلكم لدى المواطن ألا يستحق منكم الحضور والوقوف والإطمئنان على سلامة إجراءاتها؟ قُصرالكلام: يجب أن تكون اللجان الشعبية بمنأى عن الصراعات السياسية، وأن تظل وعاءً لخدمة المواطن، لأن المواطن العندو إنتماء سياسي ومؤمن بيهو لن تغيره للجنة شعبية.. اتركوا ما للجان للجان، وما للأحزاب للأحزاب، واعلموا أن المواطن يريد من يهتم بشؤونه، ويقضي حوائجه،.. والحشاش اليملأ شبكتوا فهمتووا؟! فلستوب.