علي عثمان محمد طه بنفسه خطيب جامعة الخرطوم ورجل الدولة ونائب الرئيس الأول، الذي تنازل عن مقعده لسلام صنعه بالسهر والحمى في نيفاشا، والمرشح المستحق لجائزة نوبل للسلام لو كانت الجائزة تمنح بمهنية وأخلاق.. علي عثمان اليوم في طيبة.. إلى جواره بالمقعد د. عوض الجاز الذي أنقذ الاقتصاد السوداني من الانهيار العالمي والكساد الذي ضرب الأسواق، والفريق عبد الرحمن سعيد الذي حارب الإنقاذ بأبواق الإعلام وفي الفنادق والأحراش حتى صافح البشير، وصفح الجنرال عن دماء بدموع اليوم، والدكتور تابيتا بطرس شوكاي مصدر فخر كردفان، وأول إمرأة مهمشة تسند اليها أكبر وزارة خدمية ويأتمنها الرئيس على صحته، وصحة أسرته الكبيرة، وفليب طون وزير النقل الذي في عهده تلاشت المسافات البعيدة.. كل هؤلاء النجوم يحملهم الطائر الميمون لقرية كانت حتى عهد ليس ببعيد ضمن (حزام الرمل المنسي) في كردفان. اليوم تبدأ أولى خطوات تشييد طريق الدبيبات الفولة، بطول 183كلم وبتمويل من المالية التي خصصت في حقبة د. عوض الجاز 90% من القرض الصيني لمشروعات بغرب السودان، لترفع عنه ظلم السنين، وتذهب به بعيداً في فضاء التنمية والعمران، وتكافئ الذين صبروا على الأسى ووحل اللواري في الرمال والطين في انتظار البترول.. الاحتفال الذي يقام اليوم يرسم ابتسامة في شفاه أكثر من (7) ملايين نسمة، يمتد وجودهم من الدبيبات ومناقو والدبكر وأبوزبد والفولة، وتصبح جنوب دارفور قريبة من الخرطوم قرب الحدقة للإنسان، وتصبح ولايات شمال بحر الغزال وغربها والوحدة على بعد كيلو مترات محدودة، لتصبح الوحدة الجاذبة حقيقة على الأرض بعد أن كانت شعارات معلقة في الهواء.. وطريق الدبيبات الفولة كان حلماً لأهل غرب كردفان الولاية، التي تقسم دمها مهراً للسلام، لكن (الخبر الأكيد الليلة أحمد هارون جابو). في حقبة السبعينيات من القرن الماضي، كان عبور محافظ كادوقلي بسيارته اللاندروفر بإحدى هذه القرى حدثاً يتناقله الناس، واليوم أضحى نائب رئيس الدولة وخازن المال، وأمين عام الصحة، ومدير الطرق يجلسون مع الناس تحت ظلال الأشجار، يأكلون العصيدة والكسرة ويشربون الكركدي والتبلدي، ويرقصون مع الناس (العاجكو) ومع إبراهيم عوض باسلوى (أنا قلبي شن سوى)!!. طريق الدبيبات الفولة إضافة جديدة لتعويضات المحرومين من التنمية في الزمان الغابر.. الفرحة اليوم ليست للدبيبات التي خرجت من دائرة التهميش بوصفة الأخ فاقان أموم، لكن الفرحة لأهل أبوزبد مقر شرتاوية الحمر، والفرحة للمسيرية حمرهم وزرقهم، ولدينكا نقوك، ودينكا توج، والزغاوة، والرزيقات، للتجار، ورعاة الإبل والضأن والبقر، ولمزارعي السمسم والكردي، ولتجار أسواق (أم دورور).. أما أهل العروس ومحلية القوز، فالمهندس النور علي جبريل يطير بجناحي الفرح، وطيبة خزام تخرج نصف ما عندها، وتدخر النصف الآخر للقاء البشير الذي نراه قريباً!.