الذين يفترشون الأرض في شوارع العاصمة الرئيسية من الباعة وروادهم.. والمهن المكملة لمهنهم يحتاجون إلى خدمات.. وهم يعرضون بضائعهم ويمارسون حياتهم في الشارع منذ الصباح الباكر وحتى بعد غروب الشمس حيث تتوقف الحياة في الشوارع الرئيسة كشارع الجمهورية والبرلمان وكونتو ميخالوص وغيرها.. وهذه بديهية فطالما كان هناك نشاط واسع على الأرض يزحم الطرقات ويحتل البرندات والشوارع الجانبية- وطالما أن شارع الجمهورية أصبح صورة من سعد قشرة وسوق ليبيا والسوق الشعبي- إذاً لابد من رعاية وعناية بهؤلاء الباعة الأرضيين وتوفير الخدمات والبيئة والمناخ الملائم لهم وللسوق ولروادهم إلى حين البحث عن بديل من قبل السلطات. وفي جولة قصيرة حول هذه الأسواق لاحظت إنتشار بائعات الشاي هؤلاء النسوة الكادحات المكافحات في شارع الجمهورية والبرلمان تحديداً حيث يمارسن مهنتهن الشريفة في توفير الماء البارد وبيع الشاي والقهوة لا لأصحاب الفرشات الأرضية فحسب، بل ولرواد السوق ولمكاتب الأساتذة ورجال الأعمال والمحال المرخصة على امتداد السوق ،فهن يُلبين طلبات الأرضيين في المقام الأول ويأنسن بهم.. ويكملن مهنهم وسوقهم- ثم يخدمن الجوار في المحال التجارية وفي الأدوار العليا بالعمارات. وفي اعتقادي أن هذا عمل منطقي وشريف ومطلوب جداً طالما كانت هذه الطبقات تفرش وتمارس حياتها على الأرض. إذن فلا معنى لمطاردة ستات الشاي- تحديداً- -على مستوى العاصمة- طالما كانت الحاجة تدعو لوجودهن وخدماتهن- وطالما لم نجد نحن كمسؤولين عنهن البديل المناسب والمكان المناسب لهن ولنا نحن الجمهور الجالس على الأرض- وطالما لم نوفر لهم ولهن المساحة والنظام و (التنظيم) المناسب والضروري والإنساني والوطني لهذه المهن الهامشية، أما أسلوب الكومر والكشة فهو أسلوب عقيم- أسلوب العاجز الذي لا يملك لأبسط المشاكل حلاً غير تسليط الشرطة واللجوء إلى الكاكي- الذي لا ذنب له- غير تنفيذ التعليمات وللأسف تحمُّل الوجه القبيح من العملية التي لا ناقة له فيها ولا جمل- بل القرار كما هو معروف قرار الوالي والمعتمد.. أصحاب المسؤولية الحقيقية لا في تدبير الكشة واستنفار الشرطة- فما أسهل ذلك- على كل مسؤول يريد أن يخلص- ولكن مسؤوليتهم الحقيقية هي الدراسات والبدائل والحلول الإنسانية الواقعية المعقولة والمقبولة التي تحافظ على (نظام المدينة) وشوارعها وحق هؤلاء المواطنات والبائعين الأرضيين كأبناء لهذا الوطن الواسع الذي حباه الله من الخيرات ما لا يحد- ولكن بقى أن يحبوه بالقلوب والعقول والضمائر التي تعمل في صدق وتجرد وذكاء. ثمة أمر هام.. هل فكر فيه معتمد الخرطوم وهو مسؤول عن شُعَب الأمن الثلاث في المدينة -الأمن العام والنظام العام والصحة العامة؟.. هل سأل نفسه أين يقضي هؤلاء الأخوة حاجتهم وهي حاجة ضرورية لنا جميعاً- للمحافظ والمعتمد وكاتب هذه السطور وأخواتنا بائعات الشاي وجمهورهن وهم يعملون جميعاً طوال اليوم في هذه الأماكن، القضية محلولة لم يحلها هذه المرة المعتمد ولا الوالي ولكن أصحاب العمارات والبنايات المحال.. بما زودوها من دورات مياه متعددة وبالدور الأرضي والطوابق الدنيا اذ يسمحون لهؤلاء العمال والرواد بقضاء الحاجة والوضوء وشرب الماء(من المأسورة) بلا مقابل.. فأراحوا واستراحوا.. وإلا لكان لشارع الجمهورية (الذي كان) شأنٌ آخر.. شكراً للشعب الطيب الذي أقبل عليهن وعليهم لتشجيعهم والشراء منهم، وشكراً لأولئك السيدات المناضلات اللائي يكسبن عيشهن ورزقهن الحلال في وضح النهار.. وفي وسط السوق ولتخرس الألسنة التي ترميهن بكل قبيح- فهي عاجزة حتى الآن عن فعل شيء. ------------------------------------------------------------------------