في هذا الصباح احتسى القهوة مرة كعادتي ، افتقد الابتسامة ، اضحك ضحكة كما البكاء حينما استرجع تفاصيل أمسية غاربة من العمر الجميل ، أمسية لا زالت أشباحها عالقة في ذاكرتي الغربال ، ونحن نغنى رائعة سيد الغناء السوداني الراحل مصطفى سيد احمد ( قولوا للنيل ضفه ضفه والعشيات لما تصفى ) ، كنا نردد تلك الأغنية ونتطلع ان تصفو لنا الايام والليالي لكن كان الزمان يخبئ لنا مفاجآت من العيار الثقيل ، لم نكن نتوقع ان تكون قهوتنا مرة في بقية مشوار الحياة ، وتصبح مشاوير أيامنا عكرة مثل مياه الدميرة ، ما علينا ، المهم في تلك الأمسية افتقدت الابتسامة ، وأصبحت التكشيرة عنواناً ودمغة في فاتورة حياتي ، أحاول هذه الايام استعادة الابتسامة المفقودة ، لكنها تركض بعيدا عن فضاءات حياتي ، احتسي ما تبقي من فنجان القهوة المرة ، أحاول تذكر نتف من حكايات انسلخت من العمر ، أحاول استدرار الدمعة لكنها تهرب مني ، آه تذكرت إنني لا أجيد أصلا البكاء وسكب الدموع حتى في اقسي المواقف وأصعبها ، الدمع هذا الصيد الجميل ، يهرب مني لكنه لدى البعض نسمة تريح النفس من الغبن والحزن والألم ، اسأل لماذا لا يعرف الدمع طريقه إلى حياتي تمنيت ان ابكي في يوم ما ، ربما تكون الجلافة يا جماعة الخير وعدم الإحساس سببا في ذلك ، يقول ابن القيم الجوزية ان البكاء في المطلق أنواع بكاء رحمة ورقة ، بكاء خوف وخشية ، بكاء محبة وشوق ، بكاء فرح وسرور ، بكاء جزع ، بكاء حزن ، بكاء خوف وضعف ، بكاء نفاق ، بكاء مستعار وبكاء الموافقة ، انتهى كلام ابن القيم ، عموما في هذا الزمان يكثر بكاء النفاق والبكاء المستعار والبكاء على الماضي ، اسأل الله ان يجنبنا جميع أنواع البكاء ، لكن السؤال الكبير هل يصح ان يبكي الرجل في موقف يدعو للبكاء ؟ ، البعض وانا منهم يرون ان بكاء الرجل عيب كبير وربما ضعف ، غير ان خبراء النفس يرون عكس ذلك ويؤكدون ان الدموع تنفيس للألم والحزن والإنسان الذي لا يبكي مجرد جماد ، يا ألطاف الله يعني انا وزمرة الذين يكتمون الدموع مجرد حجارة ، عموما ما علينا آخر الأبحاث في ألمانيا تشير إلى ان المرأة تبكي اكثر من الرجل ولكن في نفس الوقت تمتلك النساء قدرة على ضبط النفس ، ملخص الحكاية كما وردت في الدراسة ان النساء يبكين بين 30الى 64 مرة في السنة مقابل 6 إلى 17 مرة للرجال ، لكن دعونا من حكاية بكاء الرجالة والستات الأهم من هذا كله من سيضحك أخيرا ومن سيبكي من الرجال والنساء بعد إعلان فرز صاحبتنا الانتخابات العامة ،ومن سوف يبكي بعد انفصال الوطن إلى جنوب وشمال ، أتوقع ان تكثر موجات البكاء ، بكاء فرح وبكاء حزن ، ( عشان كده ) علينا تخصيص ملايين الأطنان من مناديل الورق لمواجهة تسونامي البكاء السوداني.