الخروج من حزب لآخر ظاهرة باتت منتشرة في أوساطنا نحن السودانيين وبدأت تتصاعد مع ارتفاع حمى الانتخابات،، أصبحنا نتوقع أي شيء خاصة وأن خلع الجلد في سبيل الوصول إلى جاه السلطة لم يعد أمرا مستهجنا كما كان من قبل.عضو المؤتمر الوطني يصبح اتحاديا والقيادي الاتحادي يصبح مؤتمرا وطنيا، وقيادي في حزب الأمة يظل قياديا لكن في المؤتمر الوطني... تنقل الصحف يوميا أن فلانا انضم لهذا الحزب أو ذاك .. وفلان هذا لم يكن يقف على الهامش ليقارن ويدرس ويمحِّص برامج وتاريخ الأحزاب لينتقي من بينها ما يعتبره مؤهلا ليعطي الوطن أكثر من غيره. التنقلات الحزبية تشير إلى تقارب واضح في مفاهيم وأدبيات الأحزاب خاصة الكبيرة منها .. فالفرق يكاد لا يبين بين الجمهورية والصحوة والوطنية إذا كانت جميعها إسلامية .. ولا أجدني إلا متمثلا بقول أمير الشعراء أحمد شوقي: إلام الخُلفُ بينكمو إلام ... وهذي الضجةُ الكُبرى علامَ ... وفيم يكيد بعضكم لبعض وتُبدُون العداوة والخصاما. ليس بالضرورة أن أرضى عن كل شيء .. وليس منطقيا أن يؤيدني الجميع ... لكن يجب عليَّ إن أردتُ أن أحكم الناس أن أحترم أشياءهم وأتوافق معها وإن خالفوني وإلا فلا يسعني التباين وما عليَّ إلا أن أعلم أني (غير صالح لحكم الناس). إذا فاز مرشح المؤتمر الوطني لمنصب الوالي مثلا فعليه أن يبدو مقبولا للمختلفين معه ومع حزبه .. لا أن يكيل بمكيالين وعينه تنظر لمن منحوه أصواتهم على أنهم أهل حظوته وما سواهم فدونهم خرط القتاد.بعد أن رمى الكثيرون عباءات أحزابهم أرضا بسبب خلو قوائم المرشحين من أسمائهم ليطرحوها تحت مظلة (مستقل) التي لن تواري سوأة (الوصولية) ، و (النرجسية) لمعظم هؤلاء، من يضمن أن تتحول (وعودهم للناخبين) عقب فوزهم إلى العكس تماما خاصة وأنه سبق لهم أن ارتدوا سياسيا؟. بالتأكيد أن حركة تسجيلات اللاعبين السياسيين أصبحت تشبه إلى حد كبير جدل تنقلات لاعبي كرة القدم .. ولعله لا غرابة في هذا الشبه طالما أن للأولى كما للثانية جمهورا يستمتع باللعبة الحلوة ويهتم بالتنقلات من هنا إلى هناك ... ويوفِّر الحراك في كلا اللعبتين مادة للتندُّر والمزاح في مجالس المدينة وإن انعقدت داخل سرادقات العزاء.