الاستدانة، أو ما يعرف (بالدين)، لم تعدّ حكراً بين أفراد الأسرة، وصاحب البقالة، بل امتدت لتشمل (صاحب الاتصالات، المكوجي، الصيدلية)، وذلك نسبة للظروف الاقتصادية التي انعكست في هذا الجانب، ما جعل فكرة (الختّة) أو الصندوق لا تقتصر على نساء الحي فقط، بل ذهبت للمدارس، والجامعات، والمؤسسات، والشركات الكبرى، وحتى بين سائقي المركبات العامة، كل على حسب مقدرته المالية، حيث تبدأ الصرفة من مبلغ مائة جنيه، وتصل إلى عشرة آلاف جنيه، وذلك بغرض تسديد الديون التي شملت مؤخراً (العربات، المنازل، والأثاثات)، وذلك عبر البيع بالتقسيط. (آخر لحظة) استطلعت عدداً من شرائح المجتمع المختلفة حول الدين، وإلى أي مدى تنعكس الصناديق على مسيرة حياتهم اليومية، فمعاً نطالع ماذا قالوا: بدءًا التقينا معزة عثمان (موظفة).. حيث ذكرت أن فكرة (الختة) لعبت دوراً كبيراً في سد الثغرات التي تأتي نتيجة الدين، فالصرفة عادة ما تكون مبلغاً كبيراً يستطيع الشخص فعل شيء به حتى أن هناك أناساً أعرفهم تزوجوا، وغطوا تكاليف الزواج الكثيرة بالصرفات من الصناديق، وهذا ما جعل الصندوق في أي مكان، فأنا الآن في المكتب أدفع للصندوق، وفي الحلة أيضاً، وحتى أستطيع تسديد أقساط العربية التي قمت بشرائها عبر دفع مقدم أيضاً كان من صرفتي لصندوق، وهذا ما يجعلني أحبذ الفكرة، وفي نظري أعتقد أن الصندوق يحلّ الكثير من المشاكل. وذكرت مزدلفة عوض (طالبة) أن الاستدانة أصبحت من ضروريات الحياة التي لا يمكن الاستغناء عنها، فأصبح الدين في كل شيء، حتى مشاوير (الركشة) لم ندفع مباشرة بل أن الشخص يركب مع صاحب ركشة يعرفه في كل المشاوير التي يذهب إليها، وفي نهاية الشهر يقوم بالدفع له من خلال د فتر يسجل فيه صاحب الركشة عدد المشاوير والأماكن التي ذهب إليها، والمدة التي انتظرها فيه، ثم بعد ذلك يقوم بالخصم، وهذا ما جعل الدين هو سيد الموقف هذه الأيام. ومن جهة أخرى ذكر عبد المتعال سعيد (تاجر) قائلاً: أنا ضد الدين، وأؤيد جداً وضع عبارة عند مدخل المحلات التجارية: (ممنوع الدين)، وذلك لأن ليس كل من يتدين يقوم بسداد الدين آخر الشهر، بل يقوم بالمماطلة حتى ثلاثة أو أربعة أشهر، ثم بعد ذلك يقوم بالدفع، وأضاف مستاءً: هناك من لا يدفعون الدين مطلقاً، وهؤلاء هم من جعلونا نرفع شعار: (لا للدين حتى لو بعدين).