لقد كانت دعوة الأمانة العامة لمنظمة الدعوة الإسلامية الموجهة لشخصي، لحضور الجلسة الافتتاحية لاجتماع مجلس أمناء المنظمة لهذا العام، الذي انعقد الاسبوع الماضي ببرج الفاتح بالخرطوم، لقد كانت الدعوة الكريمة سبباً لتداعي ذكريات عميقة وحبيبة لنفسي، فقد شرفني الله أن أكون من الدعاة المؤسسين لهذه المنظمة المباركة، حيث تم تكليفي ضمن الكوكبة الأولى من الدعاة بجبال النوبة بعد أشهر قليلة من تأسيس المنظمة، ثم تدرجت وظيفياً حتى أصبحت رئيساً للبعثة عام 1992م، قبل أن تختطفني السياسة، تأسست منظمة الدعوة الإسلامية في رجب 1400 ه الموافق لمايو 1980م لتحقيق الأهداف الآتية. أولاً: نشر الإسلام عقيدة وشريعة في أوساط غير المسلمين، وتوجيه الجماعات المسلمة القادرة على فهم عقيدة التوحيد والتعبير عن معانيها العميقة في الحياة الفردية والجماعية. ثانياً: نشر روح التفاهم والتسامح بين الجماعات المسلمة وأصحاب الديانات الأخرى. ثالثاً: توجيه الجماعات المسلمة وتطويرها فكرياً وثقافياً وفقاً لتعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية، كمعيارين للفكر والشعور والممارسة الإسلامية. رابعاً: الإسهام في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والرعاية الإنسانية. امتثلت المنظمة منذ انشائها للأمر الرباني باتباع الحكمة والموعظة الحسنة في بلاغها الدعوي، والمجادلة بالتي هي أحسن، بل جعلت ذلك شعارها الذي تدثرت به على مر الأزمان، ثم أخضعت أعمالها لقدر كبير من التخطيط السليم، والموازنة الموضوعية بين الحاجات والإمكانات، وترتيب الأوليات وتنظيم البرامج والمشروعات. يقوم مجلس الأمناء عادة برسم الموجهات العامة ووضع السياسات الكلية، لتقوم الأمانة العامة بواجب التنفيذ الدقيق ومتابعة البرامج والخطط التفصيلية عبر عدد من الإدارات التنفيذية المخصصة، وعدد من البعثات داخل وخارج السودان، بالإضافة للمؤسسات الكبرى ذات الشخصية الاعتبارية لتسهم في تغطية الفضاء العريض الذي تعمل فيه المنظمة، وتوصيل خدمات مشروعاتها المتعددة من تشييد المساجد والخلاوي والمدارس، وحفر الآبار ورعاية الأيتام، والصحة العامة، والكساء، والغذاء، وغيرها من الأنشطة والبرامج، بالإضافة لتسيير القوافل والطوارئ ومجابهة الكوارث أينما حلت، وقد بلغت الدول التي تعمل فيها المنظمة (34) دولة أفريقية غير السودان دولة المقر، التي تنتشر المنظمة في ربوعها عبر (17) بعثة، مع التركيز على جنوب السودان وجنوب النيل الأزرق، وجبال النوبة، ودارفور مؤخراً. الجمعية الخيرية لرعاية الأمومة والطفولة، التي نالت وسام النيلين من رئاسة جمهورية السودان تقديراً لتميزها. المؤسسة الصحية العالمية، التي تنشط في مجالات تقديم الإغاثة العاجلة لضحايا الكوارث، والنهوض بالمستوى الصحي، والوقاية من الأمراض، خاصة بمراكز النازحين، واللاجئين، والمشردين، وتعتبر من أنجح المؤسسات الرصيفة في مجال التوعية الصحية الأولية، والتدريب، وتشجيع المجتمعات المحلية في هذه المجالات. المؤسسة الأفريقية للتعليم التي تدير مؤسسات تعليمية وتربوية تهدف لانشاء جيل رسالي مشبع بروح الإسلام وقيمه، عبر تعليم تكافلي يرعى أبناء المناطق المستهدفة بخطاب الدعوة وتعليم خاص لذات الرسالة. مؤسسة تدريب وتأهيل الدعاة، التي تعد المنظمة من خلالها أجيالاً من الشباب، رجالاً ونساء عبر دورات دعوية مكثفة وفق منهج علمي مدروس. معهد مبارك قسم الله للبحوث والتدريب، الذي يطلع بالدراسات والبحوث الميدانية التي تستهدي بها المنظمة في التخطيط وإعداد المشروعات، كما يقوم المعهد بمهمة التدريب ورفع قدرات الدعاة والعاملين بالمنظمة من خلال دورات رفع المهارات وتطويرها. مؤسسة دانفوديو القابضة، تعتبر المساهم الرئيسي لتمويل أنشطة المنظمة من خلال ريع وأرباح انشطتها الاستثمارية والتجارية المتعددة، وقد تمكنت بفضل الله وبركته من سد الفجوة التمويلية بعد الظروف الدولية الضاغطة، وإحجام المساهمات العالمية عقب أحداث سبتمبر الشهيرة، والأزمة الاقتصادية الدولية.. اكتسبت المنظمة شهرة إقليمية وعالمية كبيرة من خلال تجربتها التي بلغت ثلاثين عاماً، ومن خلال نجاحها الكبير على كافة الصعد، ساعد على ذلك اشتراك عدد كبير من الدول العربية والإسلامية في رعايتها من خلال عضوية مجلس الأمناء والمراقبين، مثل دولة قطر والكويت، والإمارات والسعودية، واليمن، والبحرين، والمغرب، ومصر، وليبيا، ونيجيريا، كل ذلك جعل المنظمة محل تقدير وإشادة من الدول والأفراد والمجتمعات.. مما أهلها لنيل أرفع الأوسمة والجوائز التي أهمها: جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام عام 2004م. نوط الواجب الوطني من الدرجة الأولى عام 2006م. جائزة حمدان بن راشد للعلوم الطبية والإنسانية عام 2008م. ختاماً: لابد أن نذكر بالخير والتمجيد ثلة مباركة منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، خرجت من عقولهم الملهمة هذه الفكرة الصائبة، وبوركت بصدقهم واخلاصهم هذه المسيرة القاصدة، الذين كانوا أشبه بأصحاب النبي في الصدق والزهد والتجرد. التحية والدعاء لروح مؤسس المنظمة الأول مبارك قسم الله، والثلة المباركة من زملائه، مزمل سليمان غندور، وعبد الرحمن أبو جديري، والشهيد عبد السلام سليمان، والشيخ محمد صادق الكاروروي، والذين جاءوا من بعدهم الأمين محمد عثمان، والشيخ السبال، والدولب، وأحمد تاجر، عبد الجليل الكاروري، وعبد الله سيد أحمد، والقادة المعاصرين محمد علي الأمين، وإبراهيم هاشم ومجموعة العمل المباركة من الزملاء في الأمانة العامة، والإدارات المتخصصة والبعثات الداخلية والخارجية، وعلى رأسهم جميعاً المشير الرئيس عبد الرحمن سوار الدهب، الذي ظل اسماً على مسمى سواراً لذهب أمته ووطنه، وسواراً لذهب الدعوة والدعاة.