التحية مستحقة لمنظمة الدعوة الإسلامية رائدة العمل الطوعي والإسلامي على الصعيدين الإقليمي والعالمي بمناسبة دورة انعقاد مجلس الأمناء الرابعة والعشرين. التحية ابتداءاً لأروح المؤسسين الأوائل الذين مضوا إلى ربهم بعد أن خرجت من عقولهم الملهمة هذه الفكرة الصائبة وبوركت لصدقهم وإخلاصهم هذه المسيرة العامرة، فقد كانوا أشبه الناس بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في السبق والصدق والزهد. التحية في هذا المقام للأستاذ مبارك قسم الله ومزمل سليمان غندور وعبد الرحمن أبو جديري والشهيد عبد السلام سليمان والشيخ محمد محمد صادق كاروري والأستاذ محمد يوسف محمد والدكتور محمد عبده يماني في عليائهم والتحية لمن جاء بعدهم أطال الله أعمارهم الأمين محمد عثمان والسبال والدولب وعبد الله سيد أحمد وعبد الجليل الكاروري وأحمد تاجر ومحمد علي الأمين وإبراهيم هاشم وغيرهم من المعاصرين جزاهم الله خيراً. امتثلت منظمةالدعوة الإسلامية منذ إنشائها للأمر الرباني باتباع الحكمة والموعظة الحسنة في إبلاغها الدعوة والمجادلة بالتي هي أحسن، بل جعلت ذلك شعارها الذي تدثرت به على مرّ الأزمان، ثم أخضعت أعمالها لقدر كبير من التخطيط السليم، والموازنة الموضوعية بين الحاجات والإمكانات وترتيب الأولويات وتنظيم البرامج والمشروعات الأمر الذي افتقدته كثير من مؤسسات العمل الدعوي وجماعات العمل الإسلامي التي ظلت تعمل بغير خطط ومناهج مدروسة تناسب الظروف الزمانية والمكانية والبيئة المحيطة والتحديات القائمة، مما أفقد الأداء الدعوي النتائج المنشودة بالطريقة المطلوبة، مما جعل تكرار البرامج والأنشطة سمة سائدة عند تلك الجماعات مما يعد ضياعاً للزمن وإهداراً للأمكانات، مما يدعو للفت النظر بقوة لضرورة اعتماد الرؤية الإستراتيجية مكان العفوية وضرورة مواكبة العصر في التخطيط ووضوح الأهداف مع مرونة الوسائل والالتزام الصارم بالمؤسسية والحرص على التنسيق المحكم واعتماد التخصص المدروس. إن دورة انعقاد مجلس أمناء المنظمة لابد أن تستحضر مواجع الأمة الإسلامية وجراحاتها النازفة.. فلا يزال العدوان الصهيوني على أشده ضد أبناء فلسطين وتهديد مستقبل بيت المقدس في ظل الانقسام المتطاول للصف الفلسطيني، والتشرذم العرقي وفقدان الاستقرار الذي تعيشه العراق وفقدان الأمن في الصومال والتضحيات الجسام التي يقدمها الشعب السوري دون أن ينقذه أو يعينه أحد، وكذلك الواقع الراهن الذي يعيشه السودان ما يحيط به من استهداف عبر الجنوب مما يهدد سيادته وأمنه واستقراره. إن مخططات أعداء الإسلام الماكرة لإفساد مناهج التربية والتعليم وهتك بنيان الأسرة المسلمة من خلال الاتفاقيات واستهداف المرأة والطفل.. «سيداو» وغيرها التي تدعو للإباحية وإزالة سلطان الرجل وتمييع العلاقات الأسرية الراسخة بتعاليم الإسلام وأعراف المجتمعات المحافظة، ينبغي أن يكون ضمن هموم الأمناء على الدعوة بالإضافة لخطورة برامج مسخ الشباب في البلدان الإسلامية بنشر الرذيلة والصور الفاضحة والأفلام الخليعة والصداقات المشبوهة وكل ما من شأنه إشاعة الفاحشة باستخدام وسائط التقنية الحديثة من شبكات الاتصال وتكنولوجيا المعلومات. إن من أوجب واجبات العلماء والدعاة تبصير الأمة للحق وحملهم عليه مهما كان مراً، وبث الطمأنينة في نفوس غير المسلمين وتيسير سبل الهداية لهم وتطوير الخطاب الإسلامي وابتدار المبادرات الجامعة والمانعة لرشد المجتمعات ونصح الحكام وردهم للحق والجادة بلا مداهنة، فإن العلماء يصدرون من ميثاق رباني بواجب البلاغ وعدم الكتمان. إن اجتماع أهل الإسلام بمختلف كياناتهم وجماعاتهم لحماية دينهم وأعراضهم وأوطانهم فريضة شرعية وضرورة حياتية لا يجوز التنازل عنها بسبب العصبية المذهبية أو الفكرية أو الخلاف في فروع الفقه، فإن الإسلام الذي حرر العقول وحث على النظر في الكون الواسع، رفع قدر العلم والعلماء وأجاز الاستفادة من كل نافع وصالح من المعارف الإنسانية، والحكمة ضالة المؤمن أنَّى وجدها فهو أحق الناس بها.