الزيارة المهمة للرئيس التشادي إدريس ديبي إلى السودان العربي الإفريقي، ولقاؤه الحار بالرئيس السوداني عمر البشير، غداة عودة الرئيسين الشقيقين من قمة الاتحاد الإفريقي التي أعلنت أن عام 2010 هو عام السلام والأمن في إفريقيا ، والتي وضعت وحدة وسلام السودان بشماله وجنوبه وبشرقه وغربه في مقدمة اهتماماتها. جاءت لتوجه رسالة عزم عربي وإفريقي لكل من يهمه الأمر من خارج القارة الساعية إلى الوحدة، على استعادة السلام والوئام بين الخرطوم ونجامينا، وعلى استعادة الوحدة والسلام في السودان وتشاد، بقطع الطريق على استمرار التوتر بين البلدين الشقيقين وإنهاء التمرد المدعوم خارجياً في البلدين الجارين ضد مصالح العرب والأفارقة على السواء، بمصالحة عادلة لتحقيق السلام، وبتوحيد الأوطان لتحقيق التنمية. هذه الزيارة بعد ست سنوات من المواجهات، إثر زيارة الرئيس السوداني للعاصمة القطرية، وزيارة الرئيس التشادي للزعيم الليبي في أديس أبابا، تمثل في الواقع نجاحاً للجهود العربية والإفريقية لوحدة وسلام دارفور والسودان والقارة كلها، سواء من الرئاسة القطرية للقمة العربية التي ترعى محادثات سلام دارفور. أو من الرئاسة الليبية للاتحاد الإفريقي التي ترعي المصالحة السودانية التشادية، وتتويجاً للرفض العربي الإفريقي للرسائل الأميركية الخاطئة بلسان الرئيس أوباما الموجهة أخيراً إلى السودان. وللرسائل الظالمة من المحكمة الجنائية الدولية بلسان المدعي أوكامبو إلى الرئيس البشير، وكلتا الرسالتين تحملان مضموناً واحداً، هو تهديد وحدة وسلام السودان تحت غطاء غربي مليء بالشكوك وبالثقوب، بما لا يخفي النوايا الشريرة باسم العدالة الدولية تارة، و سلام دارفور و حقوق الإنسان تارة أخرى. وقد تجلى هذا الرفض الإفريقي الواضح للتهديدات الأوبامية للسودان وللاتهامات الأوكامبية للبشير، قبل شهرين من الانتخابات الرئاسية السودانية، في ترحيب القادة الأفارقة بحضور الرئيس السوداني لقمة أديس أبابا. وفي سابق حضوره لقمة القاهرة الإفريقية الرافضة لدعاوى العدالة الغربية على حساب دواعي الوحدة السودانية، وفي بيان الاتحاد الإفريقي الأخير بلسان مفوض سلطة الاتحاد الإفريقي جان بينغ، الداعي للوحدة والعدالة والسلام في السودان، والرافض لادعاءات العدالة على حساب ضرورات السلام. كما تجلى الرفض العربي للتهديدات الأميركية وللاتهامات الغربية ضد السودان ورئيسه، في رفض القمم العربية للاتهامات والتهديدات الغربية، وترحيب القادة العرب بحضور الرئيس البشير قمة الدوحة العربية، وفي بيان الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسي المماثل للبيان الإفريقي. هذا الوعي الإفريقي والعربي بضرورات الوحدة الوطنية والوحدة الإفريقية، وهذه الجهود العربية والإفريقية والإسلامية التي تعكس هذا الوعي، سعت وما زالت تسعى لسد الثغرات البينية الإفريقية والعربية، وإطفاء نيران حرائق الفتن الوطنية المتنقلة والمشتعلة، بفعل فاعل شرير طامع في ثروات العرب وخيرات إفريقيا. لا يخفي على أحد اسمه وهدفه، والتي نجحت من قبل في التوصل إلى اتفاقات للسلام والوحدة بين الدول وبين الأحزاب، لكنها سرعان ما أجهضتها نفس القوى الخارجية الفاعلة والداعمة للانقسامات، والتي لم تكف عن صب الزيت على نيران الفتن الأهلية والتوترات الدولية. كلما لاحت في الأفق بوادر اتفاق أو مصالحة تبشر بإطفاء تلك الحرائق والفتن.ومهمة تلك الجهود العربية والإفريقية، لن تكون سهلة في مواجهة الإرادة المضادة غير الإفريقية وغير العربية، غداً مثلما يجري اليوم، سواء في واشنطن أو في لاهاي أو باريس. لكن ما عبر عنه الرئيس إدريس في الخرطوم بعد لقائه مع أخيه الرئيس البشير من نوايا تشادية بيضاء ب إرادة إفريقية سوداء ، لاستعادة السلام والوئام بين الجارتين الإفريقيتين، لا شك في أنه سيقوي من الإرادة الإفريقية في مواجهة الإرادة غير الإفريقية، وسيعزز بغير شك زيادة فرص السلام والوئام في دارفور. ويضيق من فرص اللاعبين الكبار من خارج القارة، النافخين في نار التمرد في السودان وتشاد، والذين من مصلحتهم استمرار التوتر بين البلدين الشقيقين، وصولاً إلى تقسيمهما على أسس قبلية أو عرقية أو طائفية، حيث لا مصلحة لهم في نجاح المصالحة الوطنية في كلا البلدين. ولا مصلحة لهم في الوحدة أو السلام، ليس فقط في السودان وتشاد، بل أيضاً بين ما هو إفريقي وما هو عربي، وصولاً إلى منع وحدة العرب، ومنع اتحاد إفريقيا، لتسهيل سيطرة الولاياتالمتحدة الأميركية و الاتحاد الأوروبي، على الولايات غير المتحدة الإفريقية وعلى اللا اتحاد العربي. كاتب مصري